أ.د.عثمان بن صالح العامر
ليس المقال هذا مندرج ومصنّف على أنه حديث في باب التشاؤم أو التطير والتخمين المنهي عنه، ولكنه تحذير وتنبيه وتذكير مبني على شواهد وبراهين كلها تدل وتبرهن على أن من أخطر الفترات التي تمر على الزوجين الأشهر التي تعقب ما ينعت بشهر العسل والعودة من السفر الخارجي الذي صار أحد ملحقات المهر الأساسية المجبر عليها الزوج عرفاً وعادة، وسبب الخطورة هذه كون الزوجين كانا فيما مضى من أيام حياتهما الجديدة معاً في مرحلة الاكتشاف والمكاشفة وكل منهما يتصنع الشخصية ويقارف التجمل والمجاملة مع الآخر محاولاً في ذات الوقت إظهار الوجه الحسن الذي يعجب الطرف الآخر فضلا عن أن تبعات المسئولية الزوجية المباشرة ذات التكاليف المتعددة لم يمرا بها بعد.
بعد أن يستقر بهما الحال في عش الزوجية ويعلنان جبراً التخلي عن حياة العزوبية والبدء في تكوين أسرة جديدة سيكون فيها أولاد ولها أحفاد في المستقبل بإذن الله تبدأ المشاكل تطل برأسها وهنا قد يقع الطلاق- لا سمح الله- أو الانفصال العاطفي وعدم التوافق مع الاستمرار ظاهرياً أمام الناس.
إن من الضروري أن يدرك طرفا هذا الكيان الزوج والزوجة أن الحياة ليست متعة وأنسا دائما بل فيها من المنغصات والمكدرات ما قد يعصف بعشهم الصغير إذا لم يحسنا التدبير وتكون لديهما القدرة الكافية على امتصاص الصدمات واحتواء المشاكل والنزول إلى الواقع بعيداً عن المثالية المدعاة والتصنع الممجوج.
كما أن على أسرتي الطرفين أن يضبطا إيقاع العلاقة بين الزوجين بالشكل الذي ييسر لهما الوصول إلى حالة الاستقرار المرتجى، فخبرتهما - الزوج والزوجة - في الحياة قد لا تكون مؤهلة لهما لمواجهة الصدمات التي هي سنة من سنَن الله عز وجل في هذه الدنيا، (لقد خلقنا الإنسان في كبد).
الشيء الذي طالما كتب عنه وأكد عليه من قبل المستشارين الأسريين وأهل الاختصاص وأصحاب الرأي ورواد الإصلاح المجتمعي وجوب وجود رخصة للحياة الأسرية تمنح لراغب الزواج قبل الدخول في عالمه الجديد بعد أن يمضي ساعات تدريبية محددة تؤهله لتحقيق شروط القوامة الصحيحة التي تتضمن امتلاك هذا الشاب مهارة الإدارة الجيدة لبيته الجديد بعدل وكياسة وذكاء، كما أنها - أي الرخصة الأسرية - في ذات الوقت تمنح للزوجة بعد أن تخضع لدورات تدريبية متخصصة تجعل منها زوجة ناجحة وأماً صالحاً في المستقبل.
إننا اليوم في المجتمع السعودي إزاء إشكالية مجتمعية معقدة ومؤثرة وخطرة جداً وإذا لم تجتث من جذورها فستظل الأرقام تزداد عاماً بعد عام وكرة الثلج المتدحرجة من القمة للقاع تكبر وتتعاظم ويكون خطرها أشد وأنكى حينها سيفقد التوافق والانسجام الحياتي بين جنس الذكورية وجنس الأنثى والعلاقة بينهما علاقة مصالح اقتصادية وتنافر عاطفي وكذب ودجل واحتيال ومن أراد أن يعرف المزيد فليقرأ في حياة المرأة في المجتمعات الغربية وسيجد البرهان والمثال والدليل.
أبارك للمتزوجين الجدد وأدعو الله عز وجل لهم بالتوفيق والدوام وتحقق السكنى واللباس كل منهما للآخر وتقبلوا صادق الود والسلام.