علي الصحن
تعمل جميع الأندية على التحضير لموسم رياضي مختلف، وتجد في صناعة فرقها الكروية وتعزيز صفوفها بلاعبين جدد، محليين وأجانب، وسمع الجميع عن أسماء أجنبية رنَّانة، لها شنَّة ورنَّة في عالم المستديرة، من لاعبين ومدربين، يحدث ذلك وسط دعم كبير من الهيئة العامة للرياضة ممثلةً بمعالي رئيس مجلس إدارتها المستشار تركي آل الشيخ، والمؤمل من الجميع أن تظهر المنافسات المحلية بصورة أقوى مما كانت عليه في المواسم السابقة، وأن لا تنحصر المنافسة على الألقاب بين فريقين أو ثلاثة كما كان يحدث في الماضي، والمؤشرات تقول إن الموسم قد يشهد ولادة بطل جديد، وتراجع فرق كانت منافسة إلى الوراء!
يدرك القائمون على الرياضة السعودية أن تأسيس منتخب قوي يبدأ من تأسيس منافسات محلية قوية، عندما يكون هناك فرق قوية ومنافسة واهتمام واسع من جميع الأندية، سيكون هناك بطولات قوية تسهم في تقديم نجوم متمكنين قادرين على أن يكونوا نواة حقيقة للمنتخبات السعودية، وصناعة تاريخ مختلف لها في المستقبل.
تحضيرات الأندية يوازيها على نفس الخط تحضيرات وقرارات الاتحاد السعودي لكرة القدم، الذي اتخذ خطوات متلاحقة لتطوير المنافسات السعودية واللاعب السعودي، والحفاظ على حقوق الأندية واللاعب على حد سواء، ووضع حد لارتفاع أسعار اللاعبين، وهو الذي يرى كثيرون أنه أحد أسباب تراجع مستوى اللاعب، وعمله بشكل جاد لتطوير نفسه، والسعي لإقناع الأندية المحلية والأجنبية به، وقد تابعنا جميعاً قصصاً للاعبين موهوبين، كنا نظن أنهم سيكونون شيئاً مذكوراً في عالم كرة القدم، لكنهم انتهوا مبكراً، بعد أن حصلوا على عقود ذات مبالغ فلكية، إما بسبب منافسة غير محسوبة بين ناديين، أو لتقدير فني خاطئ في الأندية التي يلعبون لها أصلاً.
قدّم مونديال 2018 الدائر الرحى هذه الأيام في روسيا دروساً عدة في كرة القدم، كان أهم الدروس يتعلّق بنهاية حقبة كبار كرة القدم، وأن النتيجة تذهب لمن يلعب كرة القدم ولا ينتظر أن تلعب له الكرة، وقال المونديال إن الكرة لعبة جماعية، وأن الفردية والأسماء الرنَّانة، قد تفعل شيئاً مرة، لكنها ستسقط مرات أخرى، ومن شأن المنافسات المحلية أيضاً أن تحذو حذو المونديال، هذا مع الإيمان التام بأن منافسات النفس الطويل قد تختلف نوعاً ما لا سيما فيما يتعلّق بالخبرة والقدرة على إدارة الفريق بالشكل المطلوب طوال ثلاثين جولة متباينة الظروف والأحوال والمواقع والحضور والغياب.
طوال فترات الاستعداد ولجميع المواسم كانت إدارات الأندية تسرف في صرف الوعود لأنصارها، وتؤكِّد أنها قد تعاقدت مع أفضل اللاعبين وأفضل المدربين وكان التفاؤل لدى المشجع يبلغ مداه، وكان كل مدرج ينتظر الموسم وهو مؤمن بأن الوقت هو ما يفصله عن اللقب فقط، لكن (موية) المنافسات تكذِّب غطاس الأندية، فتظهر الحقيقة متأخرة، وتكتشف الأندية أنها شربت مقالب باردة، ويبدأ المدربون واللاعبون الأجانب بالرحيل قبل أن ينتصف الموسم!
كل المؤمل أن تكون الحكاية مختلفة هذا الموسم، وأن تكون الأندية قد تعلّمت من دروس الماضي، وأن نشاهد نجوماً حقيقة، ومنافسات قوية تشد الجميع، وتقدّم لاعبين مميزين للكرة السعودية، ونحن متفائلون كثيراً، وخصوصاً أن الأندية - وهذا أمر بالغ الأهمية - قد تخلصت من مشكلة الديون التي كبلت تحركاتها، وأرَّقتها طوال المواسم الماضية، وهو ما يسهم في العمل بعيداً عن الضغوط، وزيادة فرص النجاح.