د. محمد عبدالله الخازم
كتبت مقالاً في غرة شهر يوليو حول هدر الطاقات الطبية بالجامعة مستنداً على مقارنة مخرجات العمليات وزيارات المرضى بعدد الأطباء الاستشاريين بجامعة الملك سعود واستخدمت إحصائيات الأطباء الاستشاريين أعضاء هيئة التدريس بكلية الطب لتوفرها رغم أن منسوبي المستشفى الجامعي يتجاوزون تلك الأعداد. كان الغرض الإشارة إلى إشكالية الخدمات الطبية بالجامعات ومنها جامعة سعود كنموذج، ولو استخدمنا أعداد جميع العاملين بالمدينة الطبية لكانت النتيجة محرجة بشكل أكبر.
مغزى المقال كان الإشارة لعمل منظومة الخدمات الصحية سواء كانت تحت مظلة برنامج التشغيل أو كلية الطب أو المستشفى الجامعي، وأوضحت فيه أنني أكتب مقالاً وليس بحثاً يتوسع في شرح المدخلات والمخرجات والعمليات، الذي لفت انتباهي وأعادني لطرح الموضوع يتعلق بتبريرات بعض الأطباء الذين رأوا الموضوع يمسهم، وتلك التبريرات - كما رواها الأطباء- تتمثل في التالي:
1- ضعف رواتب الأطباء بالجامعة - هذه شكواهم ولا أملك بيان الرواتب - وتفاوتها بين طبيب وآخر بسبب وجود برنامج تشغيل للمدينة الطبية يتعامل مع الكوادر بشكل انتقائي وبطرق متفاوتة ولا يشمل الجميع. واضح بأن برنامج التشغيل الذاتي للمدينة الطبية رفع كلفة التشغيل دون تقديم أفضل الممارسات الإدارية والتنظيمية.
2- تواضع الطاقم الطبي والتشغيلي المساند فبعض الأطباء يشتكي ضعف الدعم الفني أو عدم كفاءة الطواقم الفنية المساعدة من تمريض وتخدير وغير ذلك. وهذا ضعف كبير في منظومة التشغيل والتدريب.
3- تكدس الأطباء في العديد من التخصصات حيث تبعث الجامعة أعداداً كبيرة في كل تخصص ولا يستطيع المستشفى استيعابهم بتوفير غرف العمليات والأسرة والإمكانات التي تتيح الاستفادة من خبراتهم.. وهذا ضعف تخطيطي.
4- ضعف أو غياب عقود العمل الواضحة مع أطباء كلية الطب، فكما جاء على ألسنتهم «نحن نعمل من مبدأ التزامنا المهني لكن لا يوجد عقد يلزمني بحجم عمل محدد أو إنتاجية محددة بالمستشفى. أنا أستاذ مساعد وملزم تجاه كلية الطب بأعبائي الأكاديمية وليس تجاه إدارة المستشفى الجامعي. ليس من حق المستشفى الخصم من راتبي أو تأخير ترقيتي أو إيقاف علاوتي أو منعي من حضور مؤتمر».
المستشفيات الجامعية بحاجة لفكر تنظيمي متطور، وما زلت أكرر ما اقترحته أول مرة عام 1999م، ويتمثل في فصل إدارة المستشفى الجامعي التنفيذية عن إدارة كلية الطب الأكاديمية وإيجاد صيغة تعاقدية لعمل الأكاديمي بالمستشفى الجامعي والعكس لعمل طبيب المستشفى بالكلية الطبية. بدون سلطة تنفيذية ومالية مستقلة للمستشفى عن الكلية وعقود ملزمة لا يمكن إجبار الطبيب بمسؤولياته المهنية وستبقى الأمور ضبابية اجتهادية. طبعاً استقلالية المستشفى الجامعي تعني تفاوضه مع أفضل الأطباء المنتجين دون إجباره على تعيين طبيب لمجرد أنه بروفيسور بكلية الطب. للأسف، عمداء الطب لم يناقشوا هذا المقترح بجدية رغم تكرارنا له وربما لا يؤيدونه حيث يحرمهم سلطتهم وبرستيجهم بالإشراف على المستشفى الجامعي. وربما لهذا السبب فشلت لجنة عمداء كليات الطب في مناقشة وإصلاح أحوال المستشفيات الجامعية، بحكم تعارض المصالح في هذا الشأن، لذا نحتاج مبادرة إصلاحية من خارج تلك اللجنة وأعضائها.