محمد سليمان العنقري
عودة النمو بالاقتصاد المحلي للربع الأول من هذا العام بنسبة 1.2 في المائة بعد عام مضى من الركود يعد خبراً إيجابياً ويعكس أهداف موازنة الدولة لهذا العام التي تهدف لاستعادة نمو اقتصادي طويل الأمد ومستدام. لكن ارتفاع البطالة بنسبة طفيفة ليصل إلى 12.9 من 12.8 في المائة في آخر إحصاء رسمي نشر قبل أيام يؤكد أهمية الاتجاه لسياسة مالية ونقدية توسعية لمعالجة عديد من التحديات الاقتصادية وأهمها ملف البطالة.
وإذا كان عام 2017 أصبح خلفنا وننتظر نتائج أفضل في هذا العام فإن من المهم أن تحدد الجهات المعنية بالشأن التنموي أهدافاً محددة تريد تحقيقها من معدلات النمو بالناتج المحلي التي تسعى لتحقيقها كي تنعكس بمفاصل الاقتصاد ويتم من خلالها تقييم الخطط الاتفاقية والتحفيزية للاقتصاد ومن أبرز الأهداف يجب أن يكون خفض نسب البطالة عبر توليد فرص العمل بالمقام الأول ومن بعده الإحلال عبر برامج التوطين الموجه التي تنفذها وزارة العمل.
إن ربط نجاح خطط نمو الاقتصاد بخفض نسب البطالة سيعني تحقيق أهداف عديدة في وقت واحد خصوصاً إذا كانت الحلول بتوليد وظائف مناسبة للمواطنين بالقطاع الخاص على وجه الخصوص من حيث المؤهلات والدخل والاستمرارية لأن ذلك يعني تحقيق أهداف عديدة من أبرزها نجاح جذب الاستثمارات للاقتصاد الحقيقي وكذلك زيادة الطاقة الاستيعابية بالاقتصاد وخفض استيراد السلع والخدمات من خلال زيادة الإنتاج محلياً مع رفع مستوى التنافسية إضافة لزيادة مشاركة المواطنين بالاقتصاد ورفع نسبتهم في سوق العمل التي ما زالت قرابة 30 في المائة على مستوى إجمالي العاملين بالسوق بالقطاعين العام والخاص بالإضافة لتخفيض نسب الانكشاف المهني وتقليل مخاطر اعتماد السوق على العمالة الوافدة بالمهن الحرجة أو الوظائف التي ليس من المجدي استقدام عمالة وافدة لشغلها وكذلك تقليل حجم الحوالات للخارج واعتماد السوق المحلي أكثر على المستهلك المواطن لدعم النمو المستدام بعديد من القطاعات كالتجزئة والعقار والخدمات وغيرها.
العودة للنمو بالاقتصاد الوطني من هذا العام سيمتد لسنوات طويلة بإذن الله ولتعظيم العائد من النمو فإن تقييم السياسات المالية والنقدية وبرامج الوزارات التنموية بمدى قدرتها على توليد فرص العمل لخفض البطالة سيكون أفضل الطرق لتقييم نجاعتها وتقدير نسب نجاحها وملاءتها لاحتياجات الاقتصاد الوطني فملف البطالة يعد الأهم بكل الدول حيث تربط سياساتها الاقتصادية به لأنه يعكس رؤية شاملة عن تأثير تلك السياسات بمفاصل الاقتصاد وكافة قطاعاته.