هدى بنت فهد المعجل
لا بد للعامل أن يستريح.. ولا بد للمستريح أن يواصل الركض.. وما كل ركض يأتي بالنتيجة المبتغاة.. ولا كل استراحة تجدد طاقة الفرد.. لكننا نعمل، ونطالب بالراحة والاستراحة.
يقول الفيلسوف الهندي (كريشنا مورتي) في كتابه (التعليم وقيمة الحياة) المترجم من قبل الكاتبة الإماراتية (ظبية خميس):
(قد لا نحب أعمالنا، غير أننا نكون مرغمين للاستمرار فيها لأنه ليس لدينا وسائل أخرى للعيش. قد نرغب في عمل شيء مختلف، تماماً ويمنعنا عن ذلك قلقنا ومخاوفنا). فهل لو كنّا نحب أعمالنا لن نحتاج أو ننشد ونفكر في الاستراحة والراحة..!! بالطبع لا.. حب العمل ضروري ضرورة الراحة.. ومن لا يحب عمله قد يضعف أمام عدم الحب فتقل إنتاجيته.. كذلك العمل المتواصل دون راحة يقلل ويضعف إنتاجية الفرد.. إذاً نتفق على أن من ضروريات الحياة حب العمل.. والراحة بين فرصة عمل وأخرى.. فكيف نحقق للفرد ولأنفسنا حب العمل.. وما صيغة الراحة التي نحتاجها ونبحث عنها..؟
***
هناك من مطلبه الراحة الجسدية، وآخر راحته نفسية.. ومنهم من يعنيه المكان الذي يقضي فيه وقت راحته.. كذلك الزمان يشكل أهمية لدى بعض منّا.. فكثيراً ما سمعت عن أناس لا يفضلون قضاء إجازة الصيف في (لندن) أو (القاهرة) لأنها تكون في هذا الوقت (بالذات) مكتظة بالسياح مما لا يتفق وطلبهم للراحة والاستجمام في مكان هادئ وجو بديع بعيداً عن الضوضاء والصخب.. ومع ذلك قد يفرض عليه قضاء إجازته في تلك الأمكنة وينفذ ما لا يحب لأن الظروف أجبرته عليها.. إجبار الظروف غيره على الإتيان بعمل لا يحبه مرغماً، فقط للاستمرار في العيش..!!
فهل الحياة بهذا الأسلوب جميلة..؟!
أن أمارس من الأعمال ما لا أحب عند تعذر البديل لأستمر في العيش..؟
أن أمضي فترة راحتي ومدة إجازتي الصيفية في مكان لا أحبه لأستمر في العيش..؟
درّبنا على تقبل الوضع الذي نحن عليه وإن لم نتأقلم معه والمبرر (احمد ربك أنت أحسن من غيرك)..!!
الحمد ينبغي أن نأتي به في الضراء والسراء..
ولكن التسليم لا يأتي في كل شؤوننا لأنه في نظري سلبية..
بمعنى عليك مبدئياً تقبل الوضع الذي أنت عليه، وفي نيتك، أو نصب عينيك تطوير ذاتك، وتحسين مستواك والترتيب للانتقال من العمل الذي لا تحب إلى ما تحب بطريقة أو بأخرى..
لماذا؟
لأنه هناك فرق بين أن تأخذ راحة واستراحة من عمل تحبه..!!
وبين أن تأخذها من عمل لا تحبه..!!
في الحالة الأولى ستدفعك فترة الراحة للحنين والشوق إلى عمل الذي تحب وتجد فيه المتعة..
في حين أنك ترى الراحة في الحالة الثانية طوق نجاة انتشلك من عمل لا تحبه.. وسيكون ذهنك خلال فترة راحتك منشغلاً في البحث عن عمل آخر بديل فكيف يتحقق لك الاستمتاع بإجازتك والذهن في عمل دؤوب..!!