عروبة المنيف
ما السبب؟
اطلعنا من خلال وسائل الإعلام على حادثة انتحار الطفل عبدالرحمن في مدينة أبها وتفاعل الجميع مع الخبر وعلى الأخص عند ظهور الأب في إحدى القنوات المحلية حزيناً على فقدان فلذة كبده وهو يروي قصة فقدانه وملابسات حادثة الانتحار، واصفاً ولده بالابن البار الهادئ وبأنه من أحب أبنائه إلى قلبه وطلباته مجابة. وتداولت الأخبار الأولية أيضاً بأن السبب هو لعبة الحوت الأزرق الإلكترونية التي تم تجريم مخترعها وحبسه التي تحرض الأطفال والمراهقين على إنهاء حياتهم، ليظهر الأب في اللقاء التلفزيوني بعد ذلك معلناً براءة لعبة الحوت الأزرق وأن هناك لعبة أخرى كان ولده يلعب بها قبل إقدامه على الانتحار وقد اكتشف خطورتها بعد انتحاره.
انتحار الطفل بحبل الستارة تحديداً يثير شكوكاً أيضاً ولكن من نوع آخر، هل فعلاً السبب في الانتحار هو اللعبة أم هو حادث عرضي ولا سيما أن هناك عدة حالات اختناق كانت قد سجلتها المستشفيات والجاني هو حبل الستارة أيضاً وذلك بشهادة أطباء أطفال في المستشفيات كانوا قد باشروا تلك الحالات، ولكن خروج الأب متهماً الألعاب الإلكترونية وحدها يسبب تشويشاً للعامة في إلقاء المسؤولية في عملية الانتحار، فإن لم تكن لعبة الحوت الأزرق المرعبة هي السبب، ما تلك اللعبة، وما مدى خطورتها؟، وهل هناك ألعاب أخرى خطرة على نفسية الأطفال لا نعلم عنها أيضاً لدرجة تأثيرها على الأطفال في إنهاء حياتهم بأيديهم؟. أين تقارير النيابة العامة بشأن الحادثة وفي نشر نتائج التحقيق عنها؟. فإن كانت نتائج التحقيق تتهم اللعبة الإلكترونية، نتساءل؟ وهل تم حجبها من قبل الجهات المسؤولة؟ وأين مسؤولية ودور «حماية الطفل» في وزارة العمل والشؤون الاجتماعية؟. لقد صرح الأب بأن الطفل كان قد قضى 3000 ساعة في اللعب باللعبة المتهمة واجتاز 92 في المائة منها واكتشف الأب ذلك بعد انتحارالابن!، نتساءل أيضاً، هل هناك سوء اتصال بين الطفل وأهله؟ هل لديه مشكلة في التحاور معهم ليبحر في فضاء الألعاب بمفرده كل ذلك الوقت؟ لماذا لا تكون هناك زيارات لأسرة الطفل من قبل فرق «حماية الطفل» تنتدبهم الوزارة للاطلاع على وضع الأهل وأسباب الانتحار الفعلية من أجل تزويد الناس بالمعلومات التي يحتاجونها لحماية أطفالهم.
المجتمع يريد أخباراً من جهة موثوقة عن سبب الانتحار ومعرفة الاحتياطات التي تم اتخاذها بشكل رسمي، ليكون حذراً ويأخذ بالأسباب من أجل أمان الأسرة التي هي نواة المجتمع، فلا أمان بدون الأمان الأسري، إن الخروج من قبل المسؤولين عن التحقيق ونشر نتائج التحقيق هو أمر مهم وحيوي لنشر الطمأنينة بين الناس وتوعيتهم بأهمية الإشراف الأسري على الأبناء وحمايتهم من المخاطر المحتملة سواء كان السبب هو الإدمان الإلكتروني آفة العصر، أم الإهمال الأسري، أو كليهما، فالتوعية والتحذير واجب والشفافية مهمة جداً من أجل بناء الثقة ومد جسور التواصل بين المجتمع والجهات الرسمية.