سمر المقرن
يقضي السجين مدة عقوبته أياً كانت جريمته، وبعد أن يخرج من السجن يجد الأبواب مغلقة في وجهه، فكيف لنا أن ننتظر أن يعود السجين ليندمج داخل مجتمعه ويُغلق الستار على الماضي ويفتح صفحة جديدة وهو مرفوض من جميع القطاعات التي تقوم بالكشف عن ماضيه. هنا ما الذي سيفعله إن كان المجتمع لا يتقبله، والقطاعات الحكومية والخاصة تمنع توظيفه، سيكون أداة بطالة في المجتمع والأغلب أنه سيعود إلى (الخطأ) الذي دخل من أجله السجن خصوصاً في قضايا المخدرات، فالإنسان يتوب لكن المجتمع لا يقبل توبته طالما يُمنع توظيفه لدى أغلب القطاعات، بل إن معظم المؤسسات بإمكانها الكشف عبر الحاسب الآلي عمّا إذا كان على الشخص سوابق أم لا، وهنا أقترح إعادة النظر في نوعية السوابق التي تدون والتي يُمكن أن تطلع عليها هذه القطاعات، حتى لا تظل «السابقة» وصمة عار تعزل هذا التائب عن مجتمعه ما يجعله ينتكس ولا يجد من يرحب به سوى البؤر الفاسدة، بالذات مع صغار السن!
من المعروف أن السجن عقوبة قاسية تحبس حرية الإنسان بهدف إصلاحه وتعديل سلوكه الخاطئ، والبرامج المقدمة في هذا السياق كلها تهدف إلى خلق إنسان جديد يمكنه التفاعل مع مجتمعه والمساهمة في بنائه بعد أن يقضي فترة العقوبة المحددة من قبل القاضي، ويفترض أن بوابة الخروج التي يعبر منها السجين بعد انقضاء فترة العقوبة تُغلق خلفه كمرحلة من الماضي، ليخرج إلى الحياة مجدداً بصفحة جديدة، لكنه لن يتمكن من فتح هذه الصفحة طالما أنه عندما يذهب إلى أي مكان يجد الماضي شبحاً يطارده، فهو هنا لم يقض العقوبة المحددة له في السجن، إنما سيعيش طيلة حياته في سجن المجتمع الذي يرفضه وينبذه على خطأ اقترفه وتاب عنه، والخطأ هو طبيعة البشر، والأهم هو التعلم من هذه الأخطاء، وتجاوز الماضي المظلم إلى حاضر مشرق.
أظن أن اللجنة الوطنية لرعاية السجناء والمفرج عنهم، عليها دوركبير في هذه القضية المهمة، وأن تساهم في إيجاد ما يمحو «وصمة» العار عمن أنهى مدة عقوبته ليعود إنساناً طبيعياً في مجتمعه!