عبدالوهاب الفايز
في جلسة الأربعاء (13 شوال) الحالي صوت مجلس الشورى على تعديل نظام يساوي الوزراء في المحاسبة والمساءلة وعدم إسقاط الدعوى الجزائية بعد ستين يوماً، فالنظام المعدل كان ينص على عدم سماع الدعوى بعد 60يوما، أي بعدها سقوط الدعوى على (الوزير أو من يشغل مرتبته أو من سبق له أن عين وزيراً أو شغل مرتبته).
مجلس الشورى صوت على (تعديل البند الرابع من المرسوم الملكي الصادر بالموافقة على نظام الإجراءات الجزائية الذي ينص: [لا ترفع دعوى جزائية على الوزير أو من يشغل مرتبته وزير أو من سبق له أن عين وزيراً أو شغل مرتبة وزير إلا بعد الرفع للملك للنظر فيها، ولا تسمع بعد مضي ستين يوماً من تاريخ نشوء الحق المدعى به، وتحدد اللائحة التنفيذية لهذا النظام الأحكام الخاصة بذلك]. وحذف عبارة (ولا تسمع بعد مضي ستين يوماً من تاريخ نشوء الحق المدعى به).
اللجنة القضائية وأعضاء المجلس قدروا (أن مدة التقادم المحددة بـ60 يوماً يتعذر معها اكتشاف الجريمة والتحقيق فيها والمحاكمة عنها، مما قد يؤدي إلى إفلات الجاني من المحاسبة). وَمِمَّا بنى عليه مجلس الشورى قرار التصويت ما تراه هيئة مكافحة الفساد، فالهيئة ترى (أن إجراءات جمع المعلومات المتعلقة بجرائم الفساد واكتشافها وإحالتها إلى جهة التحقيق لاستكمال الإجراءات النظامية المتعلقة بالدعوى الجزائية قد تتطلب وقتاً أطوال من المهلة المحددة.... نظراً لما تتصف به الجرائم من التعقيد والسرية.)، لذا طالبت نزاهة بـ(استثناء جرائم الفساد التي يرتكبها الوزير أو من يشغل مرتبته ومن سبق له أن عين وزيراً أو شغل مرتبته من مدة التقادم المقررة بـ60 يوماً، حيث إن تحديد مدة تقادم طويلة لجرائم الفساد يعد أمراً مهماً ويتفق مع متطلبات اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد).
هذا التعديل من الامور المهمة لمستقبلنا، وتدخل في إطار العديد من القضايا والمشاكل الأساسية التي يتصدى لها مجلس الشورى ويسعى لعلاجها، وهذا يؤكد أن ولي الأمر يثق بالمجلس ويدعم دوره الحيوي والضروري للحكومة ولمصالح الدولة العليا، ومع الأسف أن مثل هذه الأمور الحيوية لمصالح الناس تمر بهدوء، ولا أحد في إعلامنا يقف عندها للقراءة والتحليل!
مثل هذا التعديل من الأمور والإصلاحات المهمة التي يواصل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز تبنيها لأجل تكريس مقومات النزاهة ومحاربة الفساد، وتعزيز ضوابط وأدبيات الوظيفة العامة، وتدعم مسار الوحدة الوطنية لبلادنا وتكريس استقرارها.
الوظيفة العامة سوف تبقى لسنوات طويلة مؤثرة بشكل كبير ومباشر في حياة الناس ومصالح الدولة، لذا من الضروري لحاضرنا وللأجيال القادمة تعزيز قيم ومبادئ وأخلاقيات الوظيفة العامة التي وضعها الملك المؤسس عبدالعزيز، يرحمه الله، في ثوابت الحكم، بحيث يظل الولاء والإخلاص في الأساس مكرسا لمصالح الدولة العليا، وليس للمصالح الخاصة، وهذا المعيار يؤسس (الهيبة للوظيفة العامة) بحيث تكون فرصة للإنجاز والإبداع، وليس مجالا للتكسب واستعرض الثراء والسلطة أمام الناس، وكأن الحياة إلى خلود!