أ.د.عثمان بن صالح العامر
التجارة الرائجة والبضاعة الشائعة المعروضة في مجالسنا ومنتدياتنا وملتقياتنا وتغريداتنا وسناباتنا وقروباتنا بلا ثمن يذكر (النقد)، ننقد العلماء والمفكرين، ننقد السياسيين والعسكريين، ننقد الاقتصاديين والاجتماعيين، ننقد المدربين واللاعبين، ننقد التربويين والمعلمين، ننقد الخطباء والدعاة، ننقد الإعلاميين والمثقفين، ننقد القياديين والإداريين، من بقي؟... لا أحد، كل شخصية عامة نمارس النقد عليها، وربما تعدى كلامنا دائرة الشخص الوظيفية إلى ممارساته وسلوكياته الذاتية التي لا صلة لها ولا علاقة بدوره وموقعه في خارطتنا التنموية، وفضلاً عن كونه سلوكًا مرفوضًا شرعًا وعقلاً وعرفًا ومعاقبًا عليه نظاماً، هو كذلك سوس ينخر في جسدنا الوطني ويضر بناءنا المجتمعي ويعيق مسارنا التنموي، فهو ليس من باب النقد البناء الذي يَصب في النهاية في خانة المصلحة العامة -كما يعتقد البعض ويدعي- بل إرجاف في المدينة وبلبلة، ضرر كله، وشره محض.
إن على كل من أراد أن ينقد أمراً ما أياً كان هذا المنقود، شخصاً أو قراراً أو سلوكاً إدارياً أو... أن يسأل نفسه أسئلة خمسة مهمة، هي بإيجاز:
* هل أنا على دراية كافية وعلم يقين بالسبب الحقيقي الكامن وراء ما اتخذ من إجراء أياً كان هذا الإجراء؟
* هل أنا على استشراف واعٍ بالآثار المتوقعة الحالية والمستقبلة من اتخاذ هذا الإجراء أو أن معرفتي لما يسمى لدى الفقهاء بفقه المآلات قاصرة وضعيفة؟
* هل سيؤثر قولي أو كتابتي في القرار الذي أظن أنه غير صائب ولدي القدرة على التدليل والبرهنة على أن غيره أفضل منه، أو أن كل ما أتفوه به وأدونه مجرد فضفضة وإثبات وجود وتسجيل حضور وإضحاك وتهكم وطقطقة وتندر رغبة منك في كسب الأتباع المصفقين لكل ناعق ومخالف، الذين يغردون خارج السرب ويملون لك ويمدون جسور زعزعة الثقة بالرموز الوطنية المخلصة والمتفانية من أجلك أنت وأهلك وذريتك مثل غيركم من أبناء الوطن وقاطني الديار وزائريها.
* هل اتخذت السبيل الصحيح للتعبير عن رأيك الذي تعتقد أنه الحق الذي لا مرية فيه وليس عنه حياد أو أنك فاقد لبوصلة الاتجاهات التي تعرفك أين أنت وإلى أي اتجاه يجب أن تتحرك لتصل في أسرع وقت وبسلام.
* هل ما أمارسه نقد بناء أو أنه غيبة وبهتان ما أنزل الله بها من سلطان وسوف أحاسب عليه إن لم يكن في الدنيا فيوم الحساب. دمتم بخير، وتقبلوا صادق الود والسلام.