د. أحمد الفراج
يبدو أن حالة الاستقطاب القطرية للسعوديين راقت لنظام الحمدين، فقد أصبح لدى نظام الحمدين طابور خامس، يقيم بين ظهرانينا، ويكفي قناة الجزيرة ويوسف القرضاوي وعزمي بشارة العناء، وأصبحت مهمتهم محدَّدة، تتلخص في مناكفة الدولة، والتشويش على السلم الاجتماعي، ومحاولات عرقلة تنفيذ قرارات الدولة التنموية، مثل عمل المرأة، الذي أقرته الدولة وفق الضوابط الشرعية، وفي حالة تسامح غير مفهومة، كانت قوة قطر الناعمة من الحزبيين السعوديين تحرك العوام، من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، ولم يكن ذلك كافياً على ما يبدو، فأصبح معتاداً أن تخرج مجموعات لتتظاهر باسم الدين، ولعل ما حدث مراراً في مهرجان الجنادرية يلهب خيال أحد المؤرِّخين، ليكتب عن مرحلة غير عادية، في تاريخ المملكة، إذ تعدى الأمر مرحلة التحريض إلى ما هو أبعد.
حكاية لا أمل من تكرارها لداعية معروف، يتردد على قطر كثيراً، ولا يجد غضاضة من السكن في فنادق قطر، التي تبيح كل شيء، دون أن يضايقه ذلك، وحتى قيادة المرأة للسيارة هناك، وعملها في كل مكان، لا يثير غيرته الدينية، ناهيك عن أن تثيره الحفلات الصاخبة، التي تحييها المطربات. هذا، ولكن عمل المرأة السعودية وفق الضوابط الشرعية يؤرّقه ويزعجه، ولا يتوانى عن التحريض، بل بلغ به الأمر أن يقود تظاهرة صاخبة، قرب أهم الدوائر الحكومية وأرفعها مقاماً، ومع أنه كان يسيراً أن يتم سؤاله عن التناقضات التي تلف سلوكه، ما بين علاقته القوية بنظام الحمدين، ورضاه عمَّا يجري هناك من مخالفات يشيب لهولها الولدان، وبين تشدده المفرط هنا، ومعارضته لكل قرار تنموي، إلا أن هذا لم يحدث، فقد تظاهر وأثار البلبلة، ثم عاد إلى منزله معزّزاً مكرماً، يحكي عن بطولاته لأتباعه، ويخطط لتحركات قادمة!
لقد سلّط حمد بن خليفة عملاءه الحزبيين السعوديين على وسائل إعلام المملكة، وعلى الإعلاميين الوطنيين، وتم وصفهم بالتصهين، وسط حفلات التشويه لدى العوام، الذين أصبح معظمهم لا يتورّع عن وصف كل إعلامي وطني بالتصهين، لدرجة أن أصيب بعض الكتّاب بالرعب، وأصبحوا يلتزمون الصمت طلباً للسلامة، فقد نجح الحزبيون السعوديون، بدفع رباعي بالريال القطري حيناً، والدولار حيناً آخر، في تشويه صورة السعودي الوطني بأنه متصهين، فطالما أنك تقف مع قرارات الدولة، وتدافع عنها، فأنت بالضرورة متصهين، أما قناة الجزيرة، الصوت المشبوه والملطخ بالخيانات، والتي كانت أول من سنَّ سنة استضافة ساسة وعسكر إسرائيل، كأول قناة عربية وإسلامية تنال هذا الشرف، بل واستضافت شمعون بيريز في مبناها، فهي قناة المسلمين وصوت المستضعفين، التي لا يصح إسلام المرء إلا بمشاهدتها، حسب ترويج الحزبيين، وسيتواصل الحديث عن الاستقطاب والخيانة في أوضح معانيها!