محمد سليمان العنقري
أصدرت هيئة الإحصاء نشرتها الدورية عن مسوحات سوق العمل للربع الأول من عام 2018 م والتي احتوت على معلومات شاملة عن واقع السوق يمكن استنتاج العديد من النقاط المهمة حيث ارتفعت نسبة البطالة بشكل طفيف من 12.8% إلى 12.9% بينما بلغ عدد المشتغلين «سعوديين وغير سعوديين» 13.3 مليون مشتغل شاملة العمالة المنزلية، وبلغ عدد المواطنين منهم 3،150 مليون مشتغل أي ما نسبته 23.6%.
لكن عند النظر بتوزيع العمالة مناطقيًا فقد استأثرت الرياض ومكة المكرمة والشرقية على قرابة 65% من إجمالي العاملين بالمملكة، فالرياض لوحدها يعمل بها30% من الإجمالي بنحو 4 ملايين مشتغل وهو ما يعني أن التركز الاقتصادي ما زال بهذه المناطق الثلاث الكبرى وهو ما يعد عامل ضغط على هذه المناطق ومدنها الكبرى ويتطلب تسريعًا بتنفيذ برامج وخطط ومشاريع التنمية ببقية المناطق خصوصاً ذات المشاركة الاقتصادية الأقل من خلال وضع برامج تحفيز للاستثمار بها وإطلاق مشاريع تعتمد على الإمكانات المتاحة بها سواء زراعية أو خدمية أو سياحية أو صناعية أو لوجستية على غرار مشاريع كبرى مثل وعد الشمال بمنطقة الحدود الشمالية. ومن المهم ربطها بشبكة نقل سكك حديدية لتسهيل نقل البضائع والمنتجات والركاب منها وإليها مع الموانئ أو المناطق الكبرى، وتنشيط جذب الاستثمارات للمدن الصناعية المنتشرة فيها دون فاعلية كبرى لأن فتوزيع التنمية سيؤدي إلى هجرة معاكسة من المدن الكبرى لتلك المناطق الواعدة بما تحتويه من إمكانات ويسهم باستقرار أبنائها فيها دون الحاجة للبحث عن فرص عمل بمناطق كبرى.
أما الجانب الآخر مما ورد في النشرة فهو رقم الباحثين عن العمل بنحو مليون مواطن ومواطنة تمثل المواطنات 84% منهم تقريباً والمقصود بالباحثين عن العمل ليسوا عاطلين بالضرورة، فمنهم نسب جيدة تعمل وتريد الانتقال لفرص أفضل لكن الملفت أن نحو 54% منهم جامعيون وهو ما يعني ضرورة قيام وزارات العمل والاقتصاد والتخطيط بتحليل بيانات الباحثين عن عمل والعاطلين لمعرفة تخصصاتهم وما هي الصعوبات التي تواجههم بالحصول على فرص أفضل أو الحصول على وظيفة للعاطلين منهم، فمن غير المعقول بقاء أصحاب تخصصات أو شهادات ما فوق الثانوية عاطلين عن العمل أو لا يجدون الفرصة المناسبة في وقت يوجد أكثر من 7.7 مليون عامل وافد بالقطاع الخاص، إضافة لمعرفة نوعية فرص العمل التي تولدت بالاقتصاد أو القادمة مستقبلاً ولماذا لا تكون النسبة الكبرى منها بنوعية ذات استقرار وديمومة وتلبي الطموحات خصوصاً بالقطاع الصناعي والخدمي.
نشرة سوق العمل حملت أرقامًا عديدة تظهر التغييرات التي حدثت بالسوق وانعكاس النشاط الاقتصادي الذي مرَّ بظروف صعبة العامين الماضيين مع انخفاض أسعار النفط وإيرادته بالخزينة العامة، لكن حملت أيضاً معها تحسنًا ببطالة الإناث التي انخفضت من نحو 33% إلى 30,9% وهو ما يعني تحسنًا في خطط تانيث بعض الوظائف بقطاع التجزئة وغيره ورفع نسب مشاركة المرأة بالاقتصاد، لكن يبقى ملف البطالة تحديًا كبيرًا أمام الوزارات المعنية بالشأن التنموي ووزارة العمل تحديداً مع أهمية التركيز على خطط التنمية وبرامج التحول لتوليد فرص العمل وإعادة تشكيل خارطة للسوق تخفض البطالة من جهة وتوزع هذه الفرص بكافة المناطق بما يسهم بالتنمية الشاملة والمستدامة.