فوزية الشهري
مجموعات التواصل الاجتماعي وخصوصاً (الواتس) تجمعات نافعة في كثير من الأحيان، ولكنها ربما تتحول إلى مصدر للصداع في أوقات معينة خاصة عندما يتحاور مختلفان لا يجيدان الحوار ويكون الضحية من يتابع هذا الحوار الذي تحول إلى صراع، وهذه المجموعات عائلية أو غيرها يتكرر فيها هذا المشهد، وعظم الله أجر المتابع ونفعنا الله بالمسكن مع عصير الليمون.
الحوار وحرية الرأي كلمتان يجيد الحديث عنهما كثيراً من النخب (الواتسابية) ولكن عند أبسط اختبار تسقط شعاراتهم وما تحدثوا به أرضاً ويتحولون إلى متنمرين ويتصارعون لفرض رأيهم وإثبات المقولة الفرعونية (ما أريكم إلا ما أرى).
شيء محزن بل بوجه نظري مخزٍ وعار أن نفقد لغة الحوار بيننا، وأن يكون التهكم والسخرية والإقصاء هي السلاح لنقد المخالف لنا.
بعض الديوك الواتسابية تقيم في بلاد الحرية وتتعايش مع كل مذهب ومعتقد وتتعامل مع كل ذلك برقي وتقبل للآخر، ولكن تعجز عن ممارسة هذا الرقي في مجتمعها فترى المخالف لها عدوًّا يجب القضاء عليه وممارسة القمع والديكتاتورية ليخلوا لهم وجه معتقدهم وقناعاتهم.
ومن الطرف الآخر في صراع الديوك يأتي من يحمل الخير والرحمة لكل شعوب الدنيا عيناه تدمع حزناً من ألم طفل في أقصى الأرض ويكدره الظلم والعدوان، ولكن تختفي هذه الرحمة وربما يمارس الظلم مع المخالفين له من مجتمعه ويصب عليهم الويل والثبور وعظائم الأمور وكأني أرى الرحمة بجواز دولي لا يمكن أن تكون محلية.
يتبادر لذهني دائماً سؤال يحيرني ما الذي أوصلنا إلى هذا الحال؟ لماذا أصبح حوارنا يفسد كل قضية نناقشها؟
مؤمنة بأن اختلاف الآراء بين البشر طبيعي لكن أن يتحول إلى خلاف وتعدٍّ على المخالف ووضع الرأي الشخصي بمنزلة القدسية التي لا يجب تخطئته فهذا يوصلنا إلى صراعات لا نهاية لها.
أيها السادة..
لن نرتقي حتى نعترف باختلافنا ونتقبل هذا الاختلاف ونهذب أسلوب حوارنا ونترفع عن أي انتقاص لمن يخالفنا، وأن نضع قاعدة للحوار (أنا أختلف مع رأيك لا أختلف معك أنت) مع الاحترام والإنصاف وضبط النفس وفهم واستيعاب لمعتقدات من يحاورنا، عندها نستطيع أن نكون قدوة ونؤسس قاعدة مجتمعية للحوار وتعدد الآراء.
الزبدة:
كن مختلفاً ولا تخف، وكن صاحب رأي ولا تبالي
فلكل فرد منا حرية رأي مالم يتجاوز ثوابت دين ووحدة وطن.