«الجزيرة» - وحدة الأبحاث والتقارير الاقتصادية:
صدرت موافقة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله-، على صرف مكافأة تشجيعية مقدارها 10 ملايين ريال، لعدد 352 من منسوبي ديوان المراقبة العامة، لكشفهم تجاوزات في صرف مبلغ 8.3 مليار ريال دون سند نظامي، أو عدم متابعة تحصيل بعض الإيرادات المستحقة للخزينة العامة للدولة، وتفويت بعض الحقوق بما يخالف مقتضى الأنظمة والتعليمات. في الاعتقاد أن هذا الدور الهام ينبئ عن بروز فارس جديد على الساحة المحلية، ربما سيكون له دور غير تقليدي في ظل الزخم الكبير للإصلاحات التي تقوم بها الحكومة مؤخراً في ضوء إنجاز خطط وبرامج رؤية المملكة 2030 والفارس المعني هو فارس المراجعة والمحاسبة.
ديوان المراقبة وتقليص الهدر في الانفاق
لنعد إلى رؤية وأهداف ديوان المراقبة، وتتمثّل في أحكام الرقابة المالية على جميع إيرادات الدولة ومصروفاتها ومراقبة كافة الأموال المنقولة والثابتة والتحقق من حسن استعمالها والمحافظة عليها. وكذلك الرقابة على أداء الأجهزة الحكومية للتأكد من استخدامها لمواردها بكفاءة واقتصادية وفعالية لبلوغ الأهداف الموضوعة لها بنجاح. ويعمل الديوان على تحقيق معايير مهمة وإستراتيجية، هي: الشفافية والحوكمة والمساءلة. وفي ضوء محاور وبرامج رؤية 2030 للإصلاح المالي وتقليص الهدر ورفع معدلات الكفاءة في الإنفاق، يحتل ديوان المراقبة العامة أهمية بالغة لإحراز أهداف الحوكمة المالية وضمانات تقليص الهدر في الانفاق المالي.
قيمة المراقبة السنوية
إذا افترصنا أن ديوان المراقبة يركز على بندين فقط للرقابة المالية، وهما الإيرادات والمصروفات. وبناءً على تقديرات موازنة 2018، فإن ديوان المراقبة العامة كان معنياً بالرقابة المالية على صرف وتحصيل أموال تعادل حوالي 1622 مليار ريال في 2017 وحوالي 1353 مليار ريال في 2016. وتعتقد «وحدة إبحاث الجزيرة» أن ديوان المراقبة العامة هو الجهة الأعلى من حيث قيمة الأموال التي يتم متابعتها ومراجعتها ومراقبتها. وإذا افترضنا وجود نسبة خطأ غير مقصود في الإجراءات أو الحسابات سيتم تلافيه بالمراقبة نسبته 5 % فقط، فإن ديوان المراقبة العامة سيكون قد صحح في عام 2017 حوالي 81 مليار ريال.
كم هي إيرادات ديوان المراقبة؟
إيرادات الرقابة يمكن تقديرها من خلال حصيلة الوفر المتحقق نتيجة المراجعة، وهذا الوفر إما في تحصيل إيرادات أعلى لم تكن تتحصل بدون هذه المراجعة أو توفير مصروفات كانت ستصرف ولن تصرف الآن. ويؤكد التقرير الأخير لديوان المراقبة أن 69 % من حسابات الجهات الحكومية و70 % من الصناديق العائدة للدولة، و100 % من المؤسسات العامة، طالت الملاحظات بياناتها المالية. بالطبع هناك ملاحظات تحقق وفرا، في المقابل ملاحظات أخرى ستكون مجرد متابعات أو ضمانات تحسين جودة أداء في المستقبل. وإذا افترضنا أن هذه الملاحظات قد وفرت 8.3 مليار ريال، فإنها بداية مليئة بالتفاؤل بتوفير قيم أعلى في المستقبل، نظراً لتحسن أداء أجهزة حكومية تتعامل على الدوام مع المال العام. وإذا كان ديوان المراقبة قد أعلن عن كشف تجاوزات تعادل 8.3 مليار ريال، فإنه قد يكون قد منع تجاوزات ربما تناهز مئات المليارات لم يكشف عنها.. وهو منع بالتدقيق والمراجعة الصارمة. وعليه، فإن ديوان المراقبة العامة، يقوم بدورين: أحدهما الكشف عن التجاوزات وضبطها وتصحيحها والمحاسبة عليها، في مقابل دور ثان أهم وأكثر أهمية، وهو منع حدوث هذه التجاوزات نتيجة التدقيق الدوري والمراجعة الصارمة التي يقوم بها، وهو دور وقائي ودوري يقوم به منسوبي الديوان.