د. أبو أوس إبراهيم الشمسان
الفصل العاشر: قواعد النبر في العربية الفصحى
تأتي أهمية هذا الموضوع من أن القدماء سكتوا عنه، ولكن بعض المحدثين كتبوا عنه، ويحاول أستاذنا مناقشة جهود المحدثين ليقترح صياغة أخرى مختلفة.
بدأ حديثه عن مقاطع الفصحى فسمى ستة أنواع:
1 - ص ع (مقطع قصير)، مثل: كَ، وَ، يَ. [وغيره يسميه قصير مفتوح]
2 - ص ع ص (مقطع متوسط)، مثل: كُن [وغيره يسميه قصير مغلق]
3 - ص ع ع (مقطع متوسط)، مثل: ما، وا. [وغيره يسميه متوسط مفتوح]
4 - ص ع ع ص (مقطع طويل)، مثل: بابْ [وغيره يسميه متوسط مقفل]
5 - ص ع ص ص (مقطع طويل)، مثل: كُنْتْ
6 - ص ع ع ص ص (مقطع طويل)، مثل: جادّ. [وغيره يسميه مقطع مسرف في الطول]
ومضى أستاذنا يفصل القول في النبر في الفصحى، وبدأ بقواعده عند إبراهيم أنيس وهي خمس قواعد، وأشار إلى أن القاعدة الثالثة تطبق في اللهجة القاهرية وبعض لهجات أخرى تأثرت بها، ويطبقها أصحابها على الفصحى كذلك. أما اللهجات الأخرى فتختلف فيها قواعد النبر. وأما عند تمام حسان فالقواعد أربع وعند سلمان العاني هي ثلاث اعتمادًا على نطق العراقيين.
لاحظ أستاذنا أن الباحثين الثلاثة أغفلوا عددًا من الحالات، وأنهم اختلفوا في دقة صياغة قواعدهم، وأن قواعد الباحثين مختلفة، وراح يناقش قواعد الباحثين ويستبدل بها قواعد من اقتراحه؛ ولكنه لم يجمل الأمر بذكر القواعد كما انتهى إليها هو.
الفصل الحادي عشر: حركة الفعل الماضي الأجوف
بدأ بموافقة القدماء على أن نحو (قال) أصله (قَوَلَ)، و(باع) أصله (بَيَعَ)، فثمة واو وياء في البنية العميقة للفعلين، وأنّ ذلك له علاقة بالضمة والكسرة عند إسناد الفعل إلى ضمير رفع متحرك: قُلْتُ، بِعْتُ، وذكر تفسير القدماء بأن الفعل (قَوَلَ) نقل إلى (قَوُلَ) وأن الفعل (بَيَعَ) نقل إلى (بَيِعَ) ثم إن حركة العين ألقيت على الفاء عند الإسناد المذكور، وهذا عندهم للدلالة على كون الفعل واويًّا أو يائيًّا، وهذا غير موفق؛ لأنه ليس نتيجة تطبيق قاعدة لغوية، وظواهر اللغة ليست وليدة التفكير الواعي، ولو كان الأمر كذلك لما تساوت ذوات الواو والياء في: قال وباع، وقائل وبائع، وخِفتُ وبِعْتُ، وأقمت وأبنت، ويخاف ويهاب. وأورد قول ابن جني في نقل حركة العين؛ ولكنه يأخذ عليه سكوته عن فتحة فاء الفعل، ثم أورد قول الرضي الذاهب إلى أن الضمة أو الكسرة في قُلت وبِعت، ليستا للدلالة على الواو أو الياء بل للدلالة على البنية، ومع ذلك لا يختلف عن غيره، ولا يرى تفسيرات النحويين مقبولة.
يرى أن معالجة الموضوع في ضوء قواعد النبر قد يكون بديلاً. وهو يوافق القدماء في نقل الفعل من بنية مفتوحة العين إلى بنية مضمومة العين أو مكسورتها، ولكنه يخالفهم في أمر اختلاف (خِفْت) عن (قُلْت) فلم ترك مراعاة الأصل الواوي في (خِفْت) فلم يقولوا: خُفْت. ولم يقبل قول المبرد الواضح في أثر حركة عين المضارع فما حركته الضمة أو الكسرة تراعى في الماضي وما حركته الفتحة ينقل الواوي منه إلى الضم واليائيّ إلى الكسر، ومعنى ذلك أن النقل خاص بما عين ماضيه مفتوحة.
وذهب في تفسيره إلى افتراض تحويل (خَوِفَ) إلى (خَيِفَ) وبهذا تثبت الكسرة، وذكر علة تجنب كسر فاء الفعل في غير المسند إلى ضمير الرفع، وهي خوف التباسه بالمبني للمفعول؛ إذ لو جعل مثل خِفْتُ فصار خِيف لما علم أفاعلٌ هو أم مفعول. وهو يرد هذا القول مع أن تجنب اللبس من أشهر علل العربية وأجدرها بالاعتبار. وبعد أن عرض لإعلال عين الأجوف وأن العلتين القصيرتين تماثلتا فماثلت الضمة الفتحة وماثلت الكسرة الفتحة طَوُلَ) طال، وهَيِبَ) هاب، وهذا القانون العام؛ ولكن مع الإسناد إلى ضمير الرفع يكون التأثير في التماثل للحركة الثانية، طَوُلَ) طُلْت، وهَيِبَ) هِبْتُ. ويعلل ذلك بأن العلة المنبورة أشدّ مقاومة للتغير من غير المنبورة، والنبر في طَوُلَ، وهَيِبَ على فتحة الفاء، أما في طَوُلْتُ وهَيِبْتُ فالنبر على حركة العين؛ ولذلك صارت طولْتُ ثمّ طُلْتُ، وهيبْتُ ثم هِبْتُ. ونبّه إلى أن الفعل المزيد مثل أطال وأقام وأبان وأهاب يخلو من ضمة أو كسرة لأنه على بناء أفْعَلَ.
... ... ...
(1) عبده، دراسات في علم أصوات العربية، 1: 154.
(2) انظر: خالد الأزهري، التصريح على التوضيح، 2: 505.