لا حول ولا قوة إلا بالله أنت خلقتنا ولك محيانا وإليك مماتنا لا راد لقضائك وقدرك يا رب العالمين. قد انتقل إلى رحمة الله تعالى حمود بن عبدالعزيز السبيل الباهلي رئيس محاكم الخرج سابقاً وعميد أسرة السبيل عن عمر يناهز السبعين، الفقيد والد الأستاذ عبدالعزيز والأستاذ عبدالرحمن والأستاذ عبدالله وأبناء عمه عبدالرحمن بن عبدالله بن صالح السويدان ومحمد بن عبدالرحمن بن عبدالعزيز الباهلي.
فإن المجتمع المتحضر المسلم يربي أبناء بررة يحملون مشعل التقدم والرقي ويمضون بها قداماً نحو مستقبل أفضل واعد يحدوهم في ذلك ما حباهم الله به من موهبة وعلم غزير وذكاء عبقري، وهؤلاء النفر من الناس يحق القول بأنهم بمثابة نماذج رائدة في المجال الخدمي والإبداعي والثقافي والإسلامي والعلمي؛ حيث إن هؤلاء الرواد قد أعطوا المثل في العمل الجاد والإبداع المهني والتقدم العلمي، وليس هذا انكباباً على الذات، بل عمل جماعي منسجم مع أهداف المجتمع المسلم متجانس مع ثقافته متوازن مع غاياته ومقاصده النبيلة.
ويمكننا القول -عن يقين- إن هؤلاء النفر حملوا أمانة تنمية المجتمع وتضييق مسافة التقدم بينه وبين من سبقونا في مضمار التقدم العلمي والنهوض بالمجتمع وتطوره.
وحقيقة كل في مجال عمله التخصصي وقد حققوا قدراً كبيراً من النجاح الإنساني، ولذا ينبغي على الجيل اللاحق أن يتعرف خطاهم وسيرهم وما وصلوا إليها وما هو باق ليكملوا المسيرة تحت مظلة ثقافتنا الإسلامية وثوابتنا الملهمة لنا بالمضي قدماً للتعامل بالند مع شئون العالم في مجالات أدائية تتوافق مع مصالحنا وغاياتنا وقيمنا وأخلاقيات مذهبيتنا وثقافتنا، هؤلاء النفر من الناس المخلصين الأوفياء هم الذين شاركوا بفكرهم وخبرتهم بإحداث نقلة حضارية مشهودة في مؤسسات آلية الدولة العصرية الحديثة بما لها من قوى تنظيمية وإمكانات مادية وبشرية فاعلة ووحدة إرادة وغايات واضحة وعلاقات حسنة وطيبة على الصعيد الإقليمي والدولي على السواء لما لها من مكانة طيبة وحضور جيد مرموق ليس على الصعيد السياسي فحسب بل يتخطاه إلى الصعيد الاقتصادي والاجتماعي والثقافي بل وأيضاً على صعيد وسائل الاتصال الجماهيري وهذا هو مرتكز أساسي في علاقاتنا وسياساتنا الخارجية التي لا تخضع لإملاءات أحد كائن من كان، ولا يهمنا إلا الصالح المشترك والجوار تحت مظلة الثوابت والروابط والعلاقات التاريخية المتميزة وهذا هو المحور الأساسي كما سبق القول.
وفي نظر النخبة المثقفة وجماعة العمل السياسي والإعلامي أن تصير هذه العلاقات أكثر قوة وفاعلية بوحدة الأهداف ووحدة الرأي ووحدة الصف أمام الاختراقات الثقافية، إن هؤلاء النفر من الناس العظماء نذكر منهم على سبيل المثال حمود عبدالعزيز السبيل الباهلي-رحمه الله رحمة واسعة- رمزاً للعطاء المتميز ونبراساً للانتماء الواثق بروحه الوثابة وفكره الطليعي الدافق المتجدد المستنير، وما له من معززات في حسن الإدارة والتنظيم وجودة التخطيط ودقة الرقابة وذلك منذ توليه قيادة العمل القضائي.
وهكذا كان عطاؤه غزيراً في كل المجالات في سبيل رفعة بلدنا الغالي عشقاً لترابها، وحباً لشعبها، والدفع بإمكانات تطويرها فقد شهد لهذا الرجل الفاضل حب فعل الخير وكفالة الأيتام ومساعدة المحتاجين وإصلاح ذات البين والكرم والإحسان إلى الناس -رحمه الله-.
وسوف يسجل التاريخ مآثر عمله الجاد المتميز عاشها ونعيشها معه تمتلئ عزاً وفخراً، وستظل أعماله في ذاكرة الأجيال التي تعلمت ونالت ثمار التجربة والخبرة على يديه.
فهم كانوا ينظرون إليه نظرة إجلال وتقدير واحترام لما تفرد به من ثقافة وثقة غامرة وعلم غزير ليس لها حدود، وهم ساروا معه وحوله وعلى مقربة منه روحاً وجسداً يحدوهم الصدق والإخلاص والأمانة فهو الأب الحنون غفر الله له.
سائلين الله العلي القدير أن يتغمد الفقيد بواسع رحمته ويسكنه فسيح جناته.. {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}.
** **
- د. فهد بن عبدالرحمن السويدان