فيصل خالد الخديدي
قامت الفنون السينمائية على تعالقات ومقاربات مع بقية الفنون وتأثرت بالفنون المختلفة في بدايتها لأنها أتت لاحقاً بعد العديد من الفنون, وجاءت العلاقة بين (السينما) الفن السابع، والفن الثالث (الرسم) كبيرة وصلتهما وثيقة وكلاهما من الفنون البصرية التي تعتمد على الضوء والصورة، والفنون السينمائية استطاعت أن تؤسس لها لغة جديدة قدمت نفسها من خلالها كبنية من العلامات والرموز القابلة للبناء والتفكيك، واتخذت السينما وسيطاً مستقلاً محملاً بخطابات ظاهرة وأخرى مضمرة، واعتمدت في بنيتها الأساسية كالفن التشكيلي على الصورة والتي قال عنها (جان كوكتو) (أن الفيلم هو كتابة بالصور)، وبين الصورة والصورة في اللقطة السينمائية تأتي الحركة والزاوية لتكمل ثالوثاً بعلاقات في بنائها وتشكيلها كما ذكر ذلك إيزنشتاين (لا توجد فقط الكاميرا والممثل، فبينهما توجد اللقطة التي يتم بناؤها وتشكيلها كلوحة), والصورة في الفيلم السينمائي تستمد حركتها من تعدد الصور بينما الصورة في الفنون التشكيلية تأتي الحركة من داخل الفنان لتحرك ألوانه وأشكاله داخل عمله الفني فتكون محملة بالإحساس والحركة في عناصرها وألوانها، واستمرت العلاقة بين الفنين في التقارب والتواصل بشكل أكثر اتصالاً حتى هدمت كثيراً من الأسوار بين الفنين، وأصبحت عدداً من أساليب الفنون التشكيلية الحديثة تعمد على الصورة المتحركة والفكرة والمخيلة أصبحت وقود الفنون التشكيلية وكذلك السينمائية، بل إن كثيراً من الأساليب الفنية الانطباعية أو السريالية وفن الفكرة أصبحت حاضرة في السينما كما هي حاضرة في الفنون التشكيلية، والمخرج السينمائي أصبح أشبه بالرسام يلون مشاهده ويبني تكويناتها فنياً ولونياً، ويؤثث فضاءه السينمائي برؤية فنية ولونية متوافقة بصرياً وتصل به إلى حد الدهشة البصرية والانبهار متى ما كان ملماً بالعلاقات الفنية بين عناصر مشهديته والبناء الشكلي بين الوسيطين التشكيلي والسينمائي لها والذي ينتج منها بناء درامي يصل بعناصر المشهدية للتعبير بشكل مؤثر.
باتت العلاقة بين أجناس الفنون أكثر تقارباً والعديد من الأسوار الوهمية بينها تم تجاوزها وأصبحت الفنون التي تعتمد على الصورة أكثر تقارباً ومادتها الأساسية قائمة على الخيال والفكرة والرمز والعلاقات البصرية المنتظمة لتصل إلى ثقافة مشتركة بليغة على قدر من التوافق والمتعة البصرية.
المراجع:
* المقاربات الفنية لاشتغال الفنون التشكيلية في السينما - سالم شدهان غبن.
* الحركة بين السينما والتشكيل- عزالدين بوركة.