أحمد بن عبدالرحمن الجبير
في كل دول العالم تلجأ الحكومات إلى رفع أسعار الخدمات لتحسين مستواها وجودتها، وتسهيل إجراءاتها من أجل المواطن، كما أن الأسعار تكون ضمن مستويات متعددة تتناسب وشرائح المجتمع، وتكون بعد دراسات ميدانية، وتقييم حقيقي منصف لكلا الطرفين، غير أن المفاجآت لا تأتي فرادى، وأكثرها ألماً ازدواجية التطبيق وعشوائيته.
فغياب العمل المؤسساتي الحقيقي، ووجود إدارة أشبه ما تكون بردات فعل، وشخصنة يدفع ثمنها المواطن دون أدنى مراعاة لظروفه، ودون التأكد من صحة المعلومات والتشبث بالرأي، وكأن الأمر شخصياً، كي لا يخرج المسؤول في خانة الخطأ، ويدفع المواطن ثمن أخطاء الفواتير، وهذا ليس من توجهات سمو ولي العهد الأمين وبرامج التحول الوطني، ولا ترغب به الدولة -أعزها الله-.
التحول من آليات العمل التقليدي إلى عمل القطاع الخاص، ليس سهلاً، لأن هذا يحتاج للتدريب والتأهيل، كما أن نقل المواطن من حال كانت الدولة تدعم كل شيء إلى مشارك اقتصادياً في دفع أسعار الخدمات يحتاج إلى دورة اقتصادية لا تقل عن خمس سنوات، يلمس فيها المواطن حسنات الخصخصة.
وأكاد أجزم أن بعض المسؤولين إحساسهم مع المواطن مفقود، وإن علاقتهم بالمواطن سياحية ينقلها إليهم أفراد تعلموا فن «الزبرقة» أكثر من فنون وأصول الإدارة وعلاقات التواصل مع المواطن، وهناك غياب من الجهات الرقابية المسؤولة، وخاصة جمعية حماية المستهلك المعنية بمراقبة الأسواق، وارتفاع الأسعار.
المشكلة أن الدولة أقرت حساب المواطن، لتلافي الآثار الاجتماعية السلبية للخصخصة، غير أن بعض المسؤولين بدأ يضاعف الأسعار، وكأنه ينظر إلى جيب المواطن، وإلى حساب المواطن، وكأنه مال غير شرعي يجب أن يسترد بأي طريقة حيث بات المواطن يتفاجأ يومياً بأسعار مختلفة لخدمات الطاقة، والماء والكهرباء والنقل والبلديات، والضريبة المضافة.
وما زالت البيروقراطية، وبعض الفساد قائماً، وبدأ الجميع يسلط سيف الأسعار على المواطن ويحمله كل شيء، وبخاصة شركات المواد الغذائية، والألبان والمواد الاستهلاكية في ظل غياب حماية المستهلك، والمفاجأة أن بعض الأسواق التموينية ليست سوى مجرد أسماء باعت ما في الداخل لبعض الأجانب، ولهذا تجد سلعة في سوق بـ10 ريالات، وفي آخر لا يبعد 5 كم عنه بـ50 ريالاً.
هناك فوضى في الأسعار، ولا يجب أن تترك الأمور على الغارب، ولكل شركة أن تقرر ما تريد دون موافقة وزارة التجارة، وغياب الجهات الرقابية، فالأمر ليس لها وليست هي من يقرر، فالقطاع الخاص على أهميته أحياناً غير معني بالآثار السلبية الناجمة عن قراراته، ولا نرغب بأن نسيء الظن، بالقول إن هناك جهات تتعمد رفع الأسعار لغايات، وأسباب لا يجهلها صانع القرار.