عماد المديفر
انتهت قبل أيام أعمال المؤتمر السنوي العام للمقاومة الإيرانية الذي تنظمه حركة مجاهدي خلق في باريس، وبمشاركة وفود سياسية وعسكرية وفكرية وشعبية رفيعة المستوى من مختلف دول العالم، وذلك من أجل التضامن مع الشعب الإيراني والمقاومة الإيرانية التي تعمل في الميدان لتحرير إيران من براثن حكم عمائم الشر والإرهاب في طهران ولتحقيق السلام والاستقرار وبناء علاقات الأخوة مع شعوب المنطقة بعد أن دمرها الملالي.
يقول المنظمون إن المؤتمر السنوي لهذا العام يمتاز بكونه «يأتي في وقت انتفض فيه الشعب الإيراني ضد الطغيان والظلم والقمع في إيران نفسها وضد السياسات الهدّامة التي انتهجها نظام ولاية الفقيه خلال هذه السنوات في تصدير الحروب والإرهاب والتطرف إلى مختلف البلدان العربية والإسلامية.
وهذا معناه أن الشعب الإيراني بأطيافه وأعراقه وأديانه كافة أعلن أنه بريء مما يفعله النظام الحاكم ضد الشعوب الأخرى ويستنكره ويدينه. وهذه الحقيقة هي التي كانت المقاومة الإيرانية تؤكد عليه منذ زمن».
وقد طرحت الرئيسة الإيرانية المنتخبة من قبل المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية وائتلاف مجاهدي خلق وقوى المعارضة الإيرانية، طرحت في كلمتها الافتتاحية للمؤتمر خمسة مؤشرات تدلل على قرب سقوط نظام الملالي، الأول: أن الشعوب الإيرانية اكتشفت لعبة (الجناحين) المتصارعين (إصلاحي ومحافظ) داخل نظام الفاشية الدينية، إذ لم تعد تنطلي عليهم هذه الخدعة، وأنهم أضحوا على يقين من أن هذا النظام لا يمكن بحال من الأحوال إصلاحه من الداخل.
أما المؤشر الثاني فهو استمرار الانتفاضة الشعبية والحركات الاحتجاجية وانتشارها داخل إيران وبشكل متواصل على مدار الستة أشهر الماضية رغم آلة القمع الوحشية، حيث دفع المتظاهرون ثمن ذلك مئات الضحايا، منهم من قتل في الطرقات ومنهم من قتل في السجون تحت التعذيب، فيما ادعى النظام أنهم ماتوا منتحرين، ورغم كل ذلك، يرصد المتابع إصراراً عجيباً من الشعب الإيراني من مختلف أطيافه على الاستمرار في انتفاضته حتى سقوط حكم الملالي نظراً لكونهم على يقين بأنه لا حياة كريمة ولا مستقبل لهم في ظل هذا النظام الديكتاتوري الرجعي المغتصب لإيران الأرض والشعب والحضارة.
والمؤشر الثالث لدنو سقوط الحكم الكهنوتي هو الوضع الاقتصادي والاجتماعي المتردي جداً، الذي وصل لدرجات غير مسبوقة من الانهيار، يستحيل تعديلها، أو العودة بها لما كانت عليه، في ظل سياسات حكم عمائم الظلام، حيث سقطت قيمة العملة المحلية إلى الحضيض، وزاد الغلاء، وارتفعت مؤشرات الفقر والبطالة والمخدرات والتفكك الاجتماعي، ولم يعد النظام قادراً على تقديم الحلول، خصوصاً في ظل الانقسامات داخله، وتفشي الفساد، والعجز المالي التام الذي تعاني منه أجهزته.
في حين جاء العامل الخارجي رابع المؤشرات لمرحلة السقوط، تحت عنوان: نهاية مرحلة المهادنة والاحتواء الدولي لنظام الملالي.
تقول السيدة رجوي: «رابع مؤشّر لمرحلة السقوط هو أن الملالي قد فقدوا على المستوى الدولي أهم سند لهم في سياسة المهادنة في أمريكا. لقد سقط الدرع الدولي الحافظ للنظام (في إشارة لإدارة الرئيس الأمريكي السابق حسين أوباما)، وفقد النظام عملياً الاتفاق النووي، وآثار العقوبات المهلكة تتساقط عليه، وبالنتيجة تنخفض قدرته على إشعال الحروب والمغامرات في المنطقة. إن العقوبات التسليحية والنفطية التي كانت المقاومة الإيرانية تدعو إليها منذ أربعة عقود، بدأت الآن تظهر إلى حدّ ما. وقد ولّى عهد إلصاق التهم بالمعارضة وقصفها بطلب من النظام ومن أجل استرضائه».
أما المؤشر الخامس فهو بحسب السيدة رجوي «أهمّ مؤشر لمرحلة سقوط النظام: أن ما يخاف منه الملالي، قد حصل على أرض الواقع، وهو الترابط بين المحرومين والمضطهدين وبين المقاومة المنظمة. وهذا ما أكّده مراراً وتكراراً كل قادة النظام وبيادقه الكبيرة والصغيرة. وهذا اعتراف منهم بمرحلة نهاية النظام».
لقد جاء المؤتمر هذا العام في وقت دخل فيه نظام ولاية الفقيه عامه الأربعين، تقول (خلق): «هذه الأعوام هي من أصعب فترات التاريخ الحديث لبلدان منطقة الشرق الأوسط وللدول العربية والإسلامية بسبب ممارسات هذا النظام، سواء القمع في داخل إيران بمختلف صنوفه وأشكاله، وسواء في تصديره الحروب الطائفية والإرهاب والمجازر إلى مختلف الدول من العراق وسوريا واليمن ولبنان وأفغانستان وغيرها».
ومما يجدر الإشارة إليه ما دعا إليه رئيس لجنة الشؤون الخارجية في المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية محمد محدثين من ضرورة تشكيل «جبهة موحدة ضد نظام الملالي» تضم جميع التواقين لإسقاطه بمختلف أطيافهم وتوجهاتهم.. «جبهة محورها الشعب الإيراني والمقاومة الإيرانية.. لنستخدم كل الجهود والقدرات لإسقاطه» وأن «البديل» الذي يحل محل النظام موجود ومنظم «ويستطيع أن يوصل إيران إلى بر الأمان وينهي أزمة طالت 40 عاماً ويوصل الوضع إلى السلام والهدوء والديمقراطية والسلطة الشعبية والإعمار ويحقق الحرية والعدالة» ويختتم محدثين: «نحن نقول للمجتمع الدولي إن مستقبل إيران للمقاومة الإيرانية وللشعب الإيراني الحاضر في الشوارع هذه الأيام».
ومما يلاحظه المتابع هو مكافحة التنظيم الدولي للإخوان المسلمين، وشركاؤه، ومن يتحكم بقيادته، ويمسك بخيوط سياساته الاستراتيجية من خلف الكواليس، يكافحون جميعاً لبذل ما يمكنهم بذله لإنقاذ حكم الملالي الآيل للسقوط -إن بحسب المؤشرات العلمية الواقعية في علوم الاقتصاد والسياسة والأمن والحرب، أو بحسب التاريخ والجغرافيا والثوابت والقوانين الكونية الإلهية- أقول يحاول هؤلاء جميعهم إنعاش هذا النظام الظلامي الإرهابي الخبيث -القائم على عقيدة أقرب ما لها عقيدة الحشاشين منها لعقائد الشيعة الإمامية الإثنى عشرية، والذي عانى من شره الشيعة قبل السنة، الذين هم في واقع الأمر براء منه ومن جرائمه كبراءة أهل السنة من دم سِبْط رسول الله الشهيد الحسين عليه وعلى أبيه وجده وآله أفضل الصلاة وأزكى التسليم -كيف لا والسنة يؤمنون إيماناً جازماً حاسماً حازماً لا لبس فيه بأنهم من شيعة رسول الله وآل بيته- فبعد أن خسر فريق الشر والخراب وفي سنة واحدة ما كانوا يتغنون به من انتصارات وهمية لملالي الشر والإرهاب هنا وهناك، عملوا لأجل تحقيقها لسنوات وعقود، وأنفقوا في سبيلها الغالي والنفيس؛ إذا هم يستصرخون بعضهم بعضاً لإنقاذ ما يمكنهم إنقاذه، وهم يَرَوْن نظام الملالي ينازع للبقاء، فعمدوا فوراً لإسعاف حكم عمائم الظلام، آملين تمكنهم من إخراجه من عنق الزجاجة.. ولنستوعب جيداً هذه اللحظات الحرجة من عمر نظام عمائم الشر والإرهاب، فلنراجع معاً المعلومات والحقائق من الميدان اليوم، وكيف كانت الأوضاع قبل سنتين فقط.. الفرصة مواتية، متى ما تركزت الجهود، وعملنا بذكاء وقوة وحزم، هي فرصة فريدة لإسقاط الإرهاب وإحلال السلام، لا ينبغي التفريط بها، وإلا تحولت إلى نقمة.. نندم عليها جميعاً، ولات ساعة مندم. إلى اللقاء.