عبدالعزيز السماري
كان الألم مزدوجاً في هذا الصيف، فبقدر ما كان الصيف ملتهباً بأشعة الشمس الحارقة كانت فواتير الكهرباء أيضاً مؤلمة بدرجة غير عادية، فكان صراخ بعض المواطنين على قدر ذلك الألم، فتكاليف العيش في هذه الأجواء القاسية أصبحت مكلفة جداً في فصل الصيف، ويزيد من الأمر صعوبة أن غالبية السكان يعيشون في المناطق الأشد حرارة في المملكة..
جاء رد معالي محافظ هيئة الكهرباء والإنتاج المزدوج الدكتور عبدالله الشهري ليزيد من حرارة الألم في تصريحه الأخير «أن رفع أسعار تعرفة الكهرباء من جديد وارد في حال ارتفعت أسعار الطاقة»، ورأي أن الأسعار المتدنية للكهرباء في السنوات الماضية لم تكن تحفز أي مستهلك للترشيد..
وكأنه بذلك يرمي بالمسؤولية الكاملة في الترشيد على المواطن، وهو يدرك أن الحياة بدون مكيفات في هذا الطقس لا تُطاق، وأن الحلول الممكنة للترشيد لازالت تنتظر الإفراج من أدراج الهيئة، فقد صرح محافظ هيئة تنظيم الكهرباء والإنتاج المزدوج في وسائل الإعلام منذ عام، أن بإمكان المستهلكين الأفراد من الآن تركيب خدمات الطاقة الشمسية لمنازلهم، وبدون رسوم، وأن باستطاعة أي مواطن تعبئة نموذج الطلب الذي يوجد لدى مزود الخدمة، من تاريخ الإعلان قبل عام،، مشيرًا إلى أن أنظمة الطاقة الشمسية الكهروضوئية الصغيرة ستشمل جميع المدن بدون استثناء، وطالبهم بالتوجه لفروع شركة الكهرباء لطلب الخدمة!
وأوضح محافظ الهيئة آنذاك أن الاستفادة من الطاقة الشمسية ستحقق وفرا كبيرا في الفواتير، وربما أكثر من النصف، ممثلا باحتمالية انخفاض الفاتورة من 500 ريال شهريا إلى 200 ريال، وفي حالة الترشيد وعدم إضافة أحمال لن يكون هناك أي فاتورة سوى رسوم العداد العادي بل سيكون لديه فائض يحتسب نهاية العام، منوها إلى أن الفاتورة ستصدر كالمعتاد ضمن الفاتورة المقدمة من العداد القديم، وأكد أن تنظيم استخدام الطاقة الشمسية سيكون قيد التنفيذ بعد? أشهر من تاريخ الإقرار قبل عام.
لكن لم يتغير شيئاً منذ ذلك اليوم، وفروع الشركة ليس لديها علم بهذه الخدمة، وحاول بعض أصحاب المباني السكنية الجديدة تركيب العداد المزودج، ولم يجدوا له أثراً في نظام الشركة، وهو ما يعيد الكرة مرة أخرى إلى ملعب المحافظ، فالترشيد لا يتحقق بغياب تطبيقات الخدمات البديلة وتحقيق وتشجيع إنتاج الكهرباء المزدوج، وقبل ذلك مساعدة المواطن في الوصول إلى هذه الحالة المتقدمة قبل رفع الأسعار مع غياب البدائل..
الإنتاج المزدوج متوفر في مختلف أرجاء العالم، وفي دول أقل منّا إمكانيات وقدرات، لكن مع ذلك تقدموا كثيراً في هذا المجال، ولم تعد تشكل الكهرباء ضغطاً عل مدخرات المواطن، بل أن الأمر تطور كثيراً في الدول المتقدمة، فقد سنت ولاية كاليفورنيا قانونًا ينص على أن 50% من الكهرباء على الأقل يجب أن تولد من مصادر خالية من الانبعاثات بحلول العام 2030، وفي 9 مايو 2018، وافقت لجنة كاليفورنيا للطاقة بالإجماع على خطة تلزم جميع المنازل والمباني السكنية الجديدة بأن يكون فيها شكل من أشكال الطاقة الشمسية، وتبعتها كثير من الولايات الأمريكية في هذا الإجراء..
بلغ إنتاج ألمانيا من الطاقة الكهربائية مستويات هائلة دفعت السعر إلى الأسفل لدرجة وصوله إلى رقم سلبي في بعض الفصول التي تطول فيها أشعة الشمس وتزيد فيها سرعة الرياح، أي أنها تدفع للمواطن من أجل أن يستخدم الكهرباء الفائضة، وقد بدأت دول عربية مثل الأردن منذ سنوات عديدة مرحلة الإنتاج المزدوج من المنازل، ولديها تعرفة لشرائها من إنتاج المنازل..
كنّا ننتظر إعلاناً ولو متأخراً في بدء تقديم خدمة العداد المزدوج للمواطنين وفرض تركيبه في المنازل الجديدة. وأن تُعفى مواد وألواح الطاقة الشمسية من الرسوم، وأن يتم توفيرها بأسعار معقولة لذوي الدخل المحدود والفقراء، وذلك من أجل تشجيع المواطنين على استعمالاتها المجدية في المنازل والمحلات التجارية والمصانع والورش وغيرها..
حسب رأيي، وقد أكون مخطئا ً،، قد يكون السبب في هذا التأخير غير المبرر لإنتاج الطاقة البديلة من المنازل تضاد المصالح في شركة الكهرباء،فهي تهدف لتحقيق الأرباح لحملة الأسهم، واحتكار الإنتاج المنفرد يساعدها في تحقيق المكاسب العالية، بينما الكهرباء من ضروريات الحياة التي لا يجب أن تخضع للعرض والطلب في صورتها الرأسمالية، بل العكس يجب أن تكون الإستراتيجية في توفيرها بأرخص الأثمان من خلال إستراتيجية زيادة الإنتاج المزودج سواء عبر الكهرباء أو الرياح أو غيرهما، ناهيك أن البيئة الأصح والأقل تلوثاً ستكون الرابج الأكبر في نهاية الأمر..