د. خيرية السقاف
في المؤشرات الأخيرة التي أعلنتها في نشرة الحسابات القومية الهيئة العامة للإحصاء بنمو الاقتصاد الوطني السعودي في الربع الأول للعام الحالي 2018 عما كان عليه في الربع الأخير من العام 2017 ما يؤكد التراجع عن الانكماش المادي بلغة الاقتصاديين, هذه اللغة بمفرداتها بتنا جميعنا نتابعها, ونضيفها إلى قاموسنا, ونُحدِّث بها خبراتنا, و قد جُلبنا جميعنا مع تيار التطور لأن نواكب مستحدثات التغيير المشرق الذي تسير به عجلة رؤية 2030, ونسير معها نحو النتائج المتطلَّعة..
ولئن كان لهذه الرؤية من الإيجاب, والاستشراف, بل الاستشراق العديد من المزايا في الحياة العامة, وفي الاقتصاد تحديدا بتطوير, ونسج مساراته المضافة تصنيعا, وتنويعا في مصادر الدخل, وتحريكا لطاقات الأفراد, وتطهيرا لأركان الفساد, وإخلاءً لزوايا العتمة, وتمكينا للخدمات الحكومية العامة, ودفعا بقضايا معطلة لمنصات الاصطلاح, فإن ما يعيشه الأفراد جميعهم, والشباب فيهم بعينهم من تسارع في التعامل مع لغة عصرهم, ومنجزاته, ومتاحاته لهو حصاد يفوق التوقع, إذ هو يلغي انكماش الإنسان على ماضيه, ويؤكد مساره في مضمار التطور, والأخذ بعنان التجربة في الحياة بما سيجعله مواكبا لعصره, مستشرفا لمستقبله, متوائما معهما..
هذه الإحصائية كما هي دليل ثبات القوة, والتمكن لجذور الاقتصاد الوطني, وقدرته على التنويع الذي لا يخل بأصوله, فإنها مناظِرة لتأكيد ثبات جذور قيم الإنسان الأصيلة, المكينة فوق أرض ذات خصوصية تأريخية, وعراقة مسؤولية لوطن عظيم تتطلع عجلة تطوره لأن تنفض الخشاش, وتطهر الأعماق, والسطوح, والزوايا, وتعلو فوق الأكُمات والنتوءات, وتضيف الجديد المفيد, وتكسب الخبرات, وتشحذ المنجزات , وتستفيد من الإضافات, ويبقى مع كل ذلك للإنسان فيها دينه مصدرا, ومخبَرا, وقيمه سلوكا ومظهرا, وأخلاقُه تعاملا, وهو القوي الأمين, النبيل الوفي, المنتمي بثقة لأمة هي خير من أخرجها الله للأرض..
إننا في محض هذا الحصاد المتسارع نتغير, نعرف الجديد, ونُخرج المفيد, ومنهما نستزيد, بارك الله في الجهود, وحقق الأحلام فوق الثرى الممتد بين عيوننا, وفي أعماقنا.