محمد سليمان العنقري
أظهرت البيانات الرسمية لإحصاءات الاقتصاد الوطني نمواً جيداً في الربع الأول فاق 1% والذي يأتي بعد انكماش في العام السابق بسبب تراجع أسعار النفط والتحوط بالإنفاق العام بسببه، وقد أتى جل النمو من القطاع غير النفطي والذي مثل 58% تقريبًا من إجمالي الناتج المحلي للربع الأول، وهي إشارات مهمة على أن النمو الاقتصادي بدأت محركاته بالهدير، وأن الانكماش الذي استمر لقرابة عام انتهى، وذلك بسبب زيادة الإنفاق العام بأكبر ميزانية عامة تقديرية تاريخيًا عند 978 مليار ريال، وكذلك ارتفاع أسعار النفط بالإضافة لإجراءات عديدة رسمية لدعم النمو الاقتصادي اتخذت من بداية هذا العام. ومن أبرزها بدل غلاء المعيشة للموظفين بالقطاع العام وطلبة الجامعات وفئات عديدة.
بداية كان من الواضح أن خطط الحكومة منذ الإعلان عن الموازنة العامة وبرامج الاستثمار والتمويل للصناديق الحكومية تهدف لإعادة دوران عجلة النمو المستدام ولسنوات طويلة، لكن للحفاظ على النمو وتعزيزه لابد من تحرك العديد من الجهات الحكومية المختصة بالشأن التنموي لتنشيط القطاعات المسؤولة عنها بالإضافة للأدوار التي ترتبط بتقوية دور المستهلك لأن من شأن ذلك أن يكون عامل قوة لاستدامة النمو بعيدًا عن تذبذب أسعار النفط والحاجة لبرامج إنفاق عام كبيرة لتنشيط الاقتصاد.
من أهم القطاعات التي يفترض أن يتم التركيز عليها القطاع العقاري عبر تنشيط القطاع السكني فيه مع وجود طلب كبير، إذ إن المنتجات السكنية تحرك أنشطة اقتصادية عديدة قد تصل إلى مائة نشاط مثل مواد البناء والتمويل والتشييد والأثاث والأجهزة الكهربائية وغيرها مما يولد فرص عمل كبيرة ويجذب استثمارات ضخمة للاقتصاد وأثرها يدوم لسنوات طويلة، حيث يفوق الطلب حاليًا مليون وحدة سكنية والطلب يصل سنوياً إلى أكثر من 200 ألف وحدة سكنية.
أما العامل الآخر الداعم للنمو الاقتصادي فهو المستهلك، إذ إن الحفاظ على قوة تأثيره يعد عاملاً مهمًا لدعم استدامة النمو الاقتصادي، لأن له دورًا كبيرًا في نمو المنتجات السكنية، وكذلك زيادة إنتاج السلع من خلال قدرته على الاستهلاك، وكذلك التوسع بقطاع الخدمات لتلبية احتياجاته، وهو ما يدعم جذب الاستثمارات ورفع الطاقة الاستيعابية بالاقتصاد وهو ما يسهم بتوليد فرص عمل ضخمة.
عودة الاقتصاد الوطني للنمو بداية لرحلة تنمية مستدامة طويلة، لكن للوصول إلى أفضل النتائج لآثارها الإيجابية من المهم التركيز على تعزيز دور المستهلك إضافة إلى تنشيط القطاع العقاري السكني. فهذه العوامل ستدعم نمو كافة القطاعات الرئيسة التي تستهدف رؤية المملكة 2030 م رفع مساهمتها في الاقتصاد، كالصناعة والخدمات، وتحقيق الهدف الرئيس بتوليد فرص العمل وخفض نسب البطالة واستدامة الرفاه الاجتماعي.