فوزية الجار الله
كنت في غاية الدهشة، ولن أقول على حافة البكاء وأنا أتأمل المبلغ المرعب لفاتورة المياه مقارنة بالأشهر السابقة، وأتساءل لماذا؟ هل يعقل بأن هذه هي فاتورة المياه التي كنا ندفعها بتلقائية ولم نكن نشعر بعبورها إلى جيوبنا شتاء، وفي فصل الصيف أيضاً لم تكن تمثل ذلك الزحف المخيف إلى ميزانية الأسرة، لم أستيقظ بعد من تلك «اللسعة» التي أصابتني بما يشبه الدوار حتى فوجئت بأن ضجيج «التويتر» بلغ أقصى حالاته بسبب فاتورة الكهرباء، ذلك الارتفاع المخيف والذي حتى كتابتي لهذا المقال لم نحصل على إجابة شافية أو حل ناجع يريح قلوب هؤلاء البشر.. لن أسترسل في الحديث بما لا أعلم رغم أملي بأن تفاجئنا شركة الكهرباء بتفسير واضح إضافة إلى حل شامل كي تريح وتستريح فلا مفر لنا ولا أرض تحتوينا أكثر حناناً وأماناً من هذا الوطن..
ربما يكون أحد الأركان الهامة لارتفاع الكهرباء هو استخدام أجهزة التكييف التي لاغنى لنا عنها وسط حرارة تتجاوز الخمس وأربعين درجة وأحياناً تقارب الخمسين، هذه حقيقة واضحة نراها بالعين المجردة ونلمسها بحواسنا دون حاجة لاستفتاء علمي لفئة أو فئات من أبناء الوطن.
لقد تغيرت الأجواء كثيراً مقارنه بسنوات بعيدة مضت، كلما تقدمت السنين بنا شعرنا بأن الطقس أصبح أكثر حرارة «أتحدث عن مدينة الرياض على وجه الخصوص» تغيرت أحوال هذه المدينة عما قبل، قبل خمسة وثلاثين عاماً أو أكثر قليلاً كانت الأجواء محتملة، على سبيل المثال كنا نستطيع الجلوس مساء قبيل المغرب في فناء المنزل أو في الحديقة المنزلية الصغيرة لمن يملكها وحتى ساعة متأخرة من الليل كنا نستمتع بالجلوس، وأيضاً كان الكثير من الأفراد يستمتعون بالنوم في أسطح المنازل بعيداً عن ضجيج المكيفات.. حيث النسمات العليلة لكنها انتهت الآن. لم نعد نحتمل البقاء خارج الغرف بعيداً عن أجهزة التكييف، وهذا ما يزيد استهلاك الكهرباء، المشكلة ليست أبداً في الإضاءة التي بدأ الكثيرون باستبدالها منذ سنوات بالمصابيح الاقتصادية من ذلك النوع الحديث المعروف باسم (ليد) Lid
ثمة عوامل كثيرة لارتفاع الحرارة عما قبل عدا تغيرات الطقس العالمية هناك الشوارع المسفلتة، هذه المادة رغم جمالها الخارجي وأهميتها لسير المركبات إلا أنها تعتبر من أكثر المواد استقطاباً لحرارة الشمس، هذا عدا المباني الاسمنتية العالية والأبراج المصنوعة من الزجاج، إضافة إلى الأبواب الزجاجية وتلك الأخرى المصنوعة من الحديد الصلب، تلك العوامل التي ذكرت آنفاً تساهم في امتصاص الحرارة وتخزينها حولنا، مابين الأرصفة والشوارع وداخل الجدران، كل ذلك يستنزف الكثير من جهد أجهزة التكييف.