يوسف المحيميد
لا أعرف لماذا أتذكر حالة الاستغلال التي يقوم بها تجار الأزمات والكوارث والحروب، وكيف تلتمع أعينهم لؤما واستغلالا، وهم لا يختلفون كثيرًا عن صبي الساعات في ساحة المعركة، حين يدور بين الجثث ويبحث عن الأشياء الثمينة لدى القتلى، كالساعات والنقود، ومن شابههم عند استغلال احتياجات الناس عند الطوارئ والأزمات الخانقة.
تذكرت كل ذلك خلال هذا الأسبوع حين ارتفعت أصوات المواطنين المتضررين من ارتفاع أسعار الخدمة الكهربائية، ممن يشككون في قراءات العدادات، أو ممن يعترضون على ارتفاع أسعار التعريفة التي بدأ العمل بها منذ مطلع هذا العام 2018، التي بلغت أحيانًا، لدى بعض الشرائح، أكثر من 200 بالمائة.
في ظل هذه الأحداث تحرك النفعيون والمستفيدون من الأزمة، سواء من الداخل أو الخارج، ففي الداخل اشتغل تجار الأجهزة الإلكترونية التي تدعي قراءة العداد بدقة، والأجهزة التي تقلل الاستهلاك، بكل ما فيها من تحايل على المواطن، وعلى الشركة السعودية للكهرباء، دون أن تتحرك وزارة التجارة والجمارك لمنع مثل هذه الأجهزة، بل ومعاقبة كل من يستغل هذه الأوضاع والأزمات الطارئة.
أما الخارج فحدث ولا حرج، حيث تنشط الحسابات المعادية وتسهم في رفع الهاشتاقات في تويتر، وتؤجج المواطنين والمستفيدين من خدمات الشركة، وليس بالضرورة أنها كلها تهاجم الشركة، بل الحملة تستلزم حسابات تدعي الوطنية، هدفها رفع الهاشتاق كلما خرج من الترند المحلي أو العالمي.
نحن الآن بحاجة ماسة، أكثر من أي وقت مضى، إلى عمل إعلامي وطني نشط ومنظم، في جزء منه توعية الناس بما يحدق بِنَا من مكائد، وجهات تتربص بنا، وأيضا ضرورة الوقوف بجانب المواطن في هذه الأزمة، خاصة ذوي الدخل المحدود، رغم أن القرارات الداعمة لهذه الفئة، من حساب المواطن، والضمان الاجتماعي، تخفف هذه الضغوط المادية، إضافة إلى بدل غلاء الأسعار الذي يساعد موظفي الحكومة ممن هم في المراتب الدنيا في السلم الوظيفي، ولكن الوقوف التوعوي والتثقيفي مهم للغاية في هذه المرحلة الصعبة.