أ.د.عثمان بن صالح العامر
جميل أن تذكر في التاريخ، ولكن ترى ما الصفة التي سيدون بها اسمك في صفحات أسفار هذا الفن المهم والعلم العزيز الذي يحظى بالرعاية والاهتمام لدى غالبية الشعوب وعند كل الأمم وفي جميع الحضارات؟ ما الإنجاز والعمل الذي قمت به حتى يكون لك نيل هذا الشرف الذي سيفتخر به كل من عرفك يوماً ما؟
مشكلتنا أن دخول التاريخ بأي وجه وعلى أي حال صار غاية وهدفاً في ذهنية الكثير منا، والسبب أن هناك من يسولون لنا أن هذا الصنيع أياً كان خرقه للمروءة ومجافاته لأبسط الآداب العامة وهوانه عند عقلاء الناس وخيارهم هو ما سيخلد ذكرانا لدى الكل، وآخرون على الطرف الآخر يصفقون لنا ويتابعون تفاصيل التفاصيل فيما نصور ونغرد ونقول ونفعل وهم في النهاية مجرد زبد سيذهب ويتلاشى مع الزمن.
لنترك صناعة التاريخ لأهله الجادين في سبر مسارب الحياة المختلفة من أجل أن يقدموا منجزاً جديداً فيه خدمة متميزة للإنسانية قاطبة سواء في الطب أو الاقتصاد أو السياسة أو الفكر أو الاجتماع أو... فأنتم يا من تخاطبون التاريخ قائلين له: (سجل... أو اشهد...أو وثق ) وتطلبون من غيركم أن يصور وينشر، لن تضيفوا لأنفسكم فضلاً عن غيركم سوى الضحك على ما قلتم أو فعلتم ولو بعد حين.
لنترك عقدة (الأول) التي هي لازمة عربية عششت في رؤوسنا وكرستها الأحداث وظلمنا به الشعراء والمصفقون بل حتى المؤرخون الذين جعلوها غاية في ذاتها لدى شريحة عريضة من أجيال العرب المتتابعة، وما زالت للأسف الشديد، لنتركها ولنسعَ جادين لإضافة ما نستطيع في سجل الإنجازات الوطنية بعيداً عن الضجيج والبحث عن الشهرة الكاذبة، فأنا وأنت وهي وهو، نحن جميعاً في النهاية ثروة بشرية تملك طاقات فتية ولديها قدرات ومهارات من الغبن الفاحش أن تضيع وراء السعي الذي لن يضيف جديداً في سجل المنجز التنموي أياً كان المجال الذي نعمل فيه والدور الذي نقوم به، وما يضير الواحد منا ألا يكون رقماً جديداً في التاريخ إذا كان قد حقق مع من معه شيئاً إيجابياً على المستوى الشخصي أو الأسري أو المجتمعي الوطني فضلاً عن العربي والعالمي.