م. خالد إبراهيم الحجي
إن المنتخب الوطني السعودي لكرة القدم تنظيم ضخم تم تشكيله من أفضل اللاعبين الذين يُظْهِرون تميزهم في الدوري السعودي. وبحسب ما يردده الإعلام الرياضي السعودي يعتبر الدوري السعودي أكبر دوري في الوطن العربي وأقواها، وأكثرها إنفاقاً وتدفقاً للأموال في الشرق الأوسط، وهناك اختلاف في الرأي عن صحة أكثرها إثارة في الوطن العربي! والإعلام الرياضي السعودي يعتبر صدى للإعلام الرياضي الإنجليزي الذي يتباهى ويفتخر دائماً بأن الدوري الإنجليزي أقوى دوريات العالم، ومع ذلك عجزت إنجلترا عن الحصول على بطولة الأمم الأوروبية منذ تأسيسها في عام 1960م حتى الآن.
والإعلام الرياضي مرآة لثقافة الجمهور الرياضي التي تعبر عن المواقف والقيم، والمعتقدات الرياضية وتعكس المنافسات بين الأندية الرياضية وتحليلها بحيادية. ومستويات فهم الثقافات الرياضية المختلفة تؤثر على محتويات الوسائط الإعلامية، وفي الوقت نفسه تؤثر منصات وسائل الإعلام ومحتوياتها على الممارسات اليومية والمفاهيم الثقافية الرياضية. وكلاهما له تأثير كبير على أداء المنتخب الوطني. فعلى سبيل المثال: الصورة التي ينقلها الإعلام الرياضي عن التعصب الشديد الذي يبتعد عن التحليل الموضوعي المحايد، والنقد الهادف البناء، ويدخل في مناخ المشاحنات السلبي، ودوامة المناوشات والنزاعات الدائمة، سيهبط بأعضاء المنتخب والمدربين على حد سواء إلى الحضيض ويكبدهم الخسائر في اللقاءات الدولية. والعكس صحيح، فإن ثقافة الفريق المبنية على الطاقة الإيجابية والتحليل الفني والتكتيكي الموضوعي، والتدريب الجيد، وكفاءة الفريق سترفع معنويات الجميع وتحقق النتائج المطلوبة.
عجز المنتخب السعودي الوطني عن تحقيق النتائج المرضية في بطولة كأس العالم 2018م يشير إلى أنه ليس بالجودة التي نتوقعها أو الكفاءة التي نعتقدها، وهناك رأي للمحللين والنقاد الرياضيين يبرر ذلك بأن اللاعبين يقعون تحت الكثير من الضغوط التي تؤثر على مستواهم الرياضي عندما يلعبون في البطولات الدولية، ويلقون اللوم على عاتق العديد من المدربين العالميين الذين دربوا المنتخب الوطني ولهم سجل حافل بتدريب منتخبات بلادهم الوطنية وقادوها إلى تحقيق البطولات العالمية، ويغضون النظر عن الأسباب الرئيسية التي تتصل باللاعبين أنفسهم، مثل: أداء معظم اللاعبين الذي يتصف بالاتكالية والاعتماد على الغير، وضعف اللياقة البدنية، وعدم التحكم بالكرة، وانعدام العمل بروح الفريق الجماعي، والعودة سريعاً إلى طبيعة اللعب المعهود في الدوري السعودي التي تعتمد على استراتيجية الخطط الدفاعية التي تنهار سريعاً أمام المنتخبات القوية لعدم إتقانهم لها من الأصل، وتفتقر إلى النزعة الهجومية القوية التي تتطلب السرعة والقوة والإقدام والانتشار في أرجاء الملعب، وصعوبة مجاراة الخصوم وقلة السيطرة عليهم، بدلاً من تحلي كل لاعب بروح الكفاح وصفات القيادة التي تتوقف عليها خسارة الفريق أو فوزه. وهذه العيوب ربما لا يراها المحللون الرياضيون والجمهور السعودي في اللاعبين خلال المباريات المحلية، ولكنها تظهر واضحة جلية عندما يلعبون في المنتخب الوطني ويواجهون فرقاً عالمية، مثل : أسبانيا وألمانيا والبرازيل التي تتصف بالقوة والسرعة في الأداء والقدرات الفنية الفائقة والفكر الكروي.
وقد حان الوقت لتناول الأسباب الحقيقية لضعف مستوى الأداء الرياضي للاعبين السعوديين وعلاجها، مثل : تحليل المهارات الجزئية المنفصلة، والمهارات الكلية المجتمعة مع بعضها البعض من خلال المشاهدات الواقعية، والملاحظات المرصودة المتصلة بالسلوكيات الفردية والجماعية المختلفة. وتوفير وسائل تكنولوجية دقيقة لتقييم أداء اللاعبين وتقويمه، وحفظ هذه المعلومات وفحصها وتحديثها باستمرار لرصد التغيرات التي تحدث اثناء سير المباريات، مثل : بداية التعب والإرهاق، وانخفاض التركيز الذهني واللياقة البدنية، وتأثير التعديلات والخطط التكتيكية؛ لتكوين قاعدة بيانات توفر المعلومات الفورية لرصد ومراقبة طرق اللعب التي يستخدمها الخصوم للاستفادة منها في رفع اللياقة البدنية، والقدرات الفنية، والمعايير المثالية، والمهارات الرياضية، والمتطلبات الأخرى للاعبين لتحقيق نتائج أفضل في المباريات الدولية القادمة.
الخلاصة:
إن كرة القدم هي كرة القدم والمواهب هي المواهب في جميع دول العالم والذي يصنع الفَرْق للفوز بالبطولات هو اللعب الجماعي وذكاء الفريق. والدوري المحلي هو الطريق الأمثل لبناء المنتخب الوطني الناجح.