خالد الربيعان
بدأناها بحزن وأنهيناها بفرحة، والعبرة بالخواتيم، ولنكن صرحاء لم يكن في آمالنا الوصول لمراحل متقدمة في كأس العالم، ولكن بحمد الله خرجنا مرفوعي الرأس، علمتنا الأيام الماضية في روسيا أن الهدف البسيط العادي يتحول في كأس العالم لفرحة عارمة، فالشكر للصقور الخضر وجميع من وراء هذه المنظومة.
لفت نظري بعد المباراة بدقائق عدم الانتظار، وعدم الاكتراث بالنتيجة عند اتحاد الكرة، وهذا أثبت ان هناك خطة للإصلاح تمت فور مباراة الافتتاح، انتهت بإعلان تعديلات على لائحة الاحتراف بالدوري السعودي للمحترفين، هدفها أولاً وأخيراً يمكن أن نلخصه في نقطة واحدة وهي: تقوية المنتخب السعودي في البطولات العالمية! وهذا لن يأتي إلا بوجود محترفين من اللاعبين السعوديين في الدوريات الأجنبية والأوروبية القوية، والتعديلات التي شملت سقف التعاقدات الخاصة بلاعبي الدوري السعودي تؤدي لا محالة لأن يفكر اللاعب السعودي في خوض مشوار الاحتراف، وليكن عندنا بن عطية آخر ورياض محرز آخر ومحمد صلاح آخر.. لما لا والفيفا وصفت أحد لاعبينا بنيمار الخليج!
قرارات الاتحاد السعودي لكرة القدم قرارات إصلاحية، وتعديل لائحة الاحتراف دليل على مرونة في الإدارة والقانون الرياضي السعودي الفترة الأخيرة، فلا مانع من الإصلاحات والتبديلات والتعديلات من حين لآخر.. التعديل على اللائحة بتقسيم اللاعبين المحترفين داخل المملكة العربية السعودية وهو تقسيم إلزامي، إلى ثلاث فئات، وأهداف هذا كثيرة منها: تخفيض النفقات السنوية على الأندية، فقد أثبتت الإحصائيات أن الأندية السعودية ديونها بنسبة 60 في المائة من مستحقات لاعبيها المحترفين، بينما تدفع الأندية الكبرى أكثر هذه المبالغ للاعبيها الأجانب المحترفين. دفع اللاعب السعودي للاحتراف، حيث إن اللاعب الذي يضع في اعتباره تحقيق ثروة من كرة القدم فعليه أن يحترفها، أن يبحث عن العروض الأجنبية، ويحث وكيله على التحرك هنا وهناك لأجل هذا، فائدة أخرى هي ضخ مالي أكبر في قطاع الناشئين، فوجود سقف لا يتخطاه اللاعب يجعل أغلب المستويات الفنية الجيدة تبحث عن الاحتراف الخارجي، فتتبقى الأمكنة والفرص كثيرة أمام الناشئين.
إعادة أسعار اللاعبين السعوديين إلى السوق الحقيقية بتقييم منطقي، فمن غير المعقول أن يكون للاعب السعودي رقم مغالى فيه جداً كعقود، وتكون هذه القيمة تكاد تساوي ما يتقاضاه المحترفون في الدول الأوروبية، في ظل ثبات مستوى الدوري فنياً وهو لا يخدم اللاعب نفسه كتطوير لموهبته ومهارته وقدراته، والنتيجة عدم قدرة المنتخبات الوطنية على مجاراة المستويات العالمية في البطولات والمحافل الرسمية الكبرى. تحديد سقف التعاقدات أيضاً أحد الحلول السريعة لديون الأندية السعودية، تلك التي قدرت بمليار ريال والتي تهدد الأندية بالايقاف وعقوبات من الفيفا، لمعالجتها يجب استمرار ضخ المداخيل وفي نفس الوقت تقليل وضغط النفقات، وهذه التعديلات الاخيرة بلائحة الاحتراف فعلت هذا الأمر على الوجه الأكمل، وهذا معناه سرعة تعافي الأندية من ديونها في أقرب وقت.
أخيراً وهو ما همني بشكل شخصي هو فائدة تأهيل الأندية السعودية للتسويق والاستثمار، فمن المساعد لحالات الاستثمار الرياضي ألَّا يشعر المستثمر او المتملك للنادي أنه يخسر مالياً من بند التعاقدات والرواتب، بينما تحديدها بسقف يعرفه المستثمر أولاً قبل أن يقوم باستثماره: يجعله يتشجع أكثر وأكثر.. على أخذ هذه الخطوة.
لسنوات خضراء قادمة!
بلاشك أن أفضل الفوائد من زيادة عدد المحترفين السعوديين بالدوريات الأوروبية والأجنبية هو في النهاية تقوية وارتقاء مستوى المنتخب السعودي، خاصة في المحافل والبطولات الدولية الكبرى، مما يلي ذلك نجاح تسويق الكرة السعودية والرياضة السعودية من جهة، والمملكة ككل لأن المنتخبات الوطنية في محافل مثل كأس العالم هي أفضل صورة للوطن ككل وتسويق المملكة العربية السعودية.. أمام العالم.