«الجزيرة» - عوض مانع القحطاني / تصوير - فتحي كالي:
أطلق مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية أمس المشروع السعودي لنزع الألغام في اليمن (مسام) وذلك في الرياض، بحضور أصحاب السمو والمعالي وكبار المسؤولين وأعضاء السلك الدبلوماسي وممثلي المنظمات الدولية الإنسانية. وقد أقيم حفل خطابي بهذه المناسبة بدئ بتلاوة آيات من القرآن الكريم، ثم قدم فيلم تعريفي عن مشروع مسام. وقال معالي المستشار بالديوان الملكي المشرف العام على مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية الدكتور عبدالله بن عبدالعزيز الربيعة في كلمته أن المملكة دأبت عبر تاريخها الممتد بالمبادرة بمد جسور الخير والدعم والأعمال الإنسانية النبيلة للدول الشقيقة والقريبة في محيطها وكذلك الدول الصديقة، وهي في ذلك تحقق ما تدعو إليه تعاليم ديننا الإسلامي الحنيف. وتابع معاليه أنه كان وما زال دعم أشقائنا في اليمن في مقدمة أولويات المملكة عبر عقود من الزمن، تأكيداً على روابط الجوار، والدين، واللغة، والعلاقات الاجتماعية والأسرية بين الشعبين السعودي واليمني.
وأوضح الدكتور الربيعة أن مركز الملك سلمان للإغاثة قام بدور كبير لمساعدة الأشقاء في اليمن، تمثّل في تقديم 262 مشروعاً إنسانياً وإغاثياً، تعدّت كلفتها الإجمالية مليار و600 مليون دولار أمريكي توزعت على مشاريع الأمن الغذائي، والصحي، والإيوائي، والدعم المجتمعي، والتعليم وغيرها من البرامج الإغاثية المهمة والضرورية، ولا يزال المركز يعمل بكل جهد وحيادية لرفع المعاناة عن كافة المحافظات اليمنية.
وأعلن الدكتور عبدالله الربيعة أنه وامتداداً لهذا التاريخ المُضيء للمملكة، نتقدم اليوم بمبادرة إنسانية مهمة من خلال مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، تتمثل في «المشروع السعودي لنزع الألغام» (مسام)، الذي تنفذه كوادر سعودية وخبرات عالمية، لإزالة الألغام بكافة أشكالها وصورها التي زرعتها الميليشيات بطرق عشوائية في الأراضي اليمنية وخصوصاً محافظات مأرب، وعدن، وصنعاء، وتعز، ويهدف المشروع أيضاً إلى مساعدة الشعب اليمني على التغلب على المآسي الإنسانية الناجمة عن انتشار الألغام، وتمكينه لتحمل المسؤولية على المدى الطويل.
وتابع أن القوى الانقلابية في اليمن تقوم بتدمير البنية التحتية بالإضافة إلى صناعة الألغام وزراعتها بطريقة عشوائية غير مسبوقة في أماكن تستهدف المدنيين العُزل، مما تسبب في إصابات مستديمة وخسائر بشرية عديدة استهدفت النساء والأطفال وكبار السن، وغير ذلك من أعمال مهدّدة للأمن والحياة.
وقال معاليه: تم حتى الآن حصر ما تعداده أكثر من 600 ألف لغم في المناطق التي تم تحريرها من الميليشيات الانقلابية، إضافة إلى 130 ألف لغم بحري مضاد للزوارق والسفن وهي من الألغام المحرمة دولياً، و40 ألف لغم في محافظة مأرب، و16 ألف لغم في جزيرة ميون. وأضاف: بحسب تقارير صدرت عن الحكومة اليمنية منذ شهر ديسمبر عام 2014 م وحتى شهر ديسمبر لعام 2016م، فقد تم تسجيل ما مجموعه 1539 قتيلاً و مصاباً جراء ما تم زراعته من ألغام لأكثر من ثلاثة آلاف من العسكريين، ومن المدنيين والنساء والأطفال، تسببت بإعاقات دائمة وكلية لأكثر من 900 شخص، وكذلك تم تسجيل أكثر من 615 قتيلاً منهم 101 من الأطفال و26 امرأة، فيما بلغت الإصابات 924 إصابة بينهم 10 أطفال و36 امرأة، بينما ما تم تسجيله في محافظة تعز وحدها 274 حالة بتر لأطراف وإعاقات دائمة منهم 18 حالة لفقدان البصر.
وأشار معاليه إلى أنه في خلال عام واحد فقط سجل البرنامج الوطني لنزع الألغام عدداً كبيراً من الضحايا والإصابات فقد وصل عدد ضحايا الألغام في كل من محافظات عدن ولحج وأبين وتعز 418 ضحية، في حين أنه تم في نفس الفترة تسجيل 1775 إصابة، وسجل في كل من محافظتي الجوف ومأرب 380 ضحية و512 إصابة.
وعبر الربيعة عن أسفه لأن هذه الأرقام المسجلة تعد أقل بكثير من الحوادث التي وقعت فعلياً ولم يتسنْ للبرنامج الوطني لنزع الألغام مباشرتها أو تسجيلها.
واستطرد معاليه: قمنا من خلال مركزنا للأطراف الصناعية بمحافظة مأرب بتركيب 305 أطراف صناعية لأكثر من 195 ضحية تعرضت لبتر بأحد الأطراف بسبب هذه الألغام التي لا تفرق بين ضحاياه، فهي تستهدف النساء والأطفال الذين يشكلون أغلب ضحاياها، وقد قام المركز بتوفير العلاج والتأهيل اللازم لعدد كبير من المصابين الذين تراوحت أعمارهم ما بين 12 و72 عاماً.
وبين أن عدد المصابين الذين تلقوا العلاج في مركز الأطراف بمأرب خلال المرحلتين الأولى والثانية حتى تاريخ 24 / 6 / 2018 م بلغ 11 امرأة و12 طفلاً و346 رجلاً حيث ما زالت المرحلة الثانية مستمرة إلى هذا اليوم، إضافة إلى تلقي عدد من الحالات للرعاية الطبية بالمراكز الطبية العامة والخاصة باليمن، وداخل المملكة العربية السعودية على حساب مركز الملك سلمان للإغاثة، كما أن هناك أيضاً عدداً من الحالات التي تم علاجها خارج اليمن، ومنها 13 حالة في جمهورية السودان، و45 حالة في الأردن، و106 حالات في مدينة جدة منهم طفلان ليصل الإجمالي إلى 533 حالة.
وأوضح الربيعة أن المملكة العربية السعودية قدّمت لليمن مساعدات خلال السنوات الثلاث الماضية بقيمة تجاوزت 11 مليار دولار أمريكي، تنوّعت بين مساعدات إنسانية وأخرى لدعم اللاجئين، ومساعدات تنموية لدعم الاقتصاد والبنك المركزي اليمني وغيرها من المساعدات.
وأفاد أن المشروع السعودي الإنساني والحيوي لنزع الألغام «مسام»، سيخدم المواطن اليمني، ويضمن له الأمن الحالي والأمان المستقبلي، وهو واحد من مشاريع ومبادرات عّدة تقدمها المملكة بهدف رفع المعاناة عن الشعب اليمني الشقيق في كافة المناطق والمحافظات، إذ أخذت المملكة على عاتقها الاستمرار في تنفيذ هذه المشاريع والمبادرات حتى يتحقق لليمن الاستقرار، والنماء، والرفاه، ويُرى كما كان يمناً سعيداً بأرضه وشعبه.
ورفع الربيعة لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، وإلى سمو ولي عهده الأمين - حفظهما الله - أسمى آيات الشكر والتقدير والعرفان لما يقدّمانه من جهود عظيمة ساعدت مركز الملك سلمان للإغاثة على تقديم الدعم للعمل الإغاثي والإنساني في عديد من دول العالم، وفي اليمن الشقيق على وجه الخصوص، مقدماً الشكر كذلك لكل من أسهم في دعم المركز وتسهيل مهامه.
من جانبه قدم معالي وزير خارجية الجمهورية اليمنية خالد حسين اليماني خالص الشكر باسم الحكومة اليمنية والشعب اليمني إلى حكومة المملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وسمو ولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز - حفظهما الله - على ما قدموه ويقدمونه لليمن منذ الانقلاب المشؤوم على السلطة الشرعية، مواصلاً الشكر إلى المشرف العام على مركز الملك سلمان للإغاثة الدكتور عبدالله الربيعة على إطلاق مشروع نزع الألغام في اليمن، مشروع الحياة في مواجهة مشروع الموت، الذي يضاف إلى سجل الخير والعطاء للمركز تجاه الشعب اليمني، حيث خصص المركز في عامه الأول فقط مبلغ مليار ريال سعودي لإغاثة الشعب اليمني، وتتابعت جهوده الإنسانية لتشمل كل مناطق اليمن من المهرة إلى صعدة ومن سقطرى إلى الحديدة.
وأضاف معاليه: لقد تسبب الانقلابيون الحوثيون من خلال الحرب التي أشعلوها ونتيجة نهبهم لموارد الدولة في المناطق التي يسيطرون عليها بكارثة إنسانية كبيرة، وهم يسعون من وراء تردي الوضع الإنساني لتحقيق مآرب سياسية وحشد الرأي العام العالمي ضد التحالف العربي والحكومة الشرعية بهدف تثبيت الانقلاب وفرض الأمر الواقع، موضحًا أنه لتحقيق ذلك أمعن الانقلابيون بالتنكيل بالشعب اليمني لإيجاد معاناة حقيقية وكارثة إنسانية من خلال الاستيلاء على موارد الدولة وعائدات الضرائب وحرمان موظفي الدولة من الرواتب، وإنشاء مؤسسات اقتصادية موازية لنهب مقدرات البلد وفرض جبايات غير قانونية من خلال إنشاء مراكز جمركية إضافية غير مشروعة في مداخل المدن الرئيسة، وإيجاد سوق سوداء للوقود لمضاعفة معاناة المواطنين اليمنيين والاستمرار في تدمير النظام الصحي والنظام التعليمي وعرقلة وصول المساعدات الإنسانية لمستحقيها، وحصار المدن والقرى والقصف العشوائي على المناطق السكنية وتنفيذ الاعتقالات التعسفية والخطف والإخفاء القسري، وتجنيد الأطفال، وزراعة الألغام، ورفض كل مبادرات السلام.
وأكد خالد اليماني أن زراعة الألغام هي إحدى الوسائل التي انتهجتها الميليشيات الانقلابية لمعاقبة الشعب اليمني وزيادة معاناته وهي من الانتهاكات المجرمة في القانون الدولي الإنساني والاتفاقيات المرتبطة به ومنها اتفاقية أوتاوا لحظر استعمال وتخزين وإنتاج ونقل الألغام المضادة للأفراد، ومع ذلك فقد ابتكرت الميليشيات الانقلابية طرقًا جديدة لاستخدام الألغام المضادة للمركبات وتحويل استخدامها ضد الأفراد وذلك بغرض إحداث أكبر قدر من الضحايا والذين هم في الغالب من المدنيين الأطفال والنساء وحتى الحيوانات لم تسلم من ذلك. وتابع معاليه أن الميليشيات الانقلابية ابتكرت ألغامًا متفجرة فردية ومموهة وارتجالية IED متنوعة الأغراض والأهداف بما فيها العبوات المتفجرة الارتجالية بواسطة أجهزة الراديو بعضها قادمة بشكل مباشر من إيران (كما ورد في تقرير فريق خبراء مجلس الأمن للعام 2017 م) والبعض الآخر تم تطويرها في اليمن عن طريق خبراء إيرانيين، حيث تأخذ أشكال وألوان وأحجام مختلفة مطابقة لطبيعة الأرض والمكان الذي تزرع فيه مما يؤدي إلى صعوبة اكتشافها وتميزها عن محيطها، ومنها ما هو على شكل صخور مختلفة الأحجام والأشكال، أو على شكل مواد بناء في المناطق السكنية التي وصلوا إليها، تاركين خلفهم كميات عشوائية كبيرة في مناطق سكنية وداخل منازل المواطنين اليمنيين وفي الطرقات ومداخل المدن والمزارع، وكذا ألغام بحرية في الشواطئ والسواحل، فقد أشار تقرير فريق خبراء مجلس الأمن للعام 2017 م إلى تطابق تلك الألغام البحرية مع الألغام الإيرانية وأنها تشكل خطرًا على النقل البحري التجاري وخطوط الملاحة البحرية ويمكن أن يظل تهديد هذه الألغام لمدة تراوح بين 6 إلى 10 سنوات.
وأكد خالد اليماني أن إعلان مركز الملك سلمان للإغاثة اليوم عن المشروع السعودي لنزع الألغام في اليمن، يعد مبادرة إنسانية فاعلة في طريق تخليص اليمن من مخاطر هذا الخطر الذي تسبب به الانقلابيون، وهي مبادرة محل تقدير الحكومة والشعب اليمني، ونحن في الحكومة اليمنية ومن خلال الجهات المعنية سنعمل معًا بالتنسيق مع مركز الملك سلمان لإنجاح هذا المشروع وتحقيق الأهداف المرسومة.