د. خيرية السقاف
ما الذي يفعله الصغار في أيام لا مُنبِّهاً يوقظهم للمدرسة، ولا حقيبةً تُثقل كواهلهم بمقرراتها،
ولا مواعيد لاختبار تخفق له صدورهم، ولا بهجة انتظار لتفوق، أو قلق اضطراب من فشل؟!..
ما الذي يفعله المراهق ورأسه عامرة بمُخيلته، ونبضه شغوف بأحلامه، وعزمه موقدٌ بأمانيه،
والوقت بين أيديهم بمختلف أعمارهم يتمدد، يصول، ويتمطى،
لا يعبأ بكل هذا العنفوان فيهم..
تتلهى به ثوانيه، ولحظاته، ودقائقه، وساعاته..
ليلٌ كما استدارة الكوكب الذي تنهب أقدامُهم ثراه، ويطوي مسافاته فراغهم، وتتوه فيه كفوفهم الغضة، ونظراتهم الباحثة، وعقولهم الغرة، ووجدانهم اللَّدِن..
ونهار بين نوم، واسترخاء ممل، وشاشات أجهزة جائرة، ودوامة لا شيء في أي شيء،
وتتبدد عزائمهم، وتخور أحلامهم، وتتداخل رغباتهم، وتتعالى أنفاسهم، وتسترخي هممهم..
الصغار في هذا الوقت الممتد بين سُبات منبِّـه، ويقظة رنينه حين يعود ليوقِظ للمدرسة، يتمطون في دوامة فراغ عاصف كالدودة تأكل في نسيج وعيهم، وحصاد أمسهم، ومكنون قادمهم..
هؤلاء هل استلهم من حولهم حجم التيه الذي يلفهم في عباءته، ويأخذهم نحوا لا جدوى من مآلاته؟!...
فبحجم الدوامة يُسْتَلهم الفعل..