يوسف المحيميد
قد يعتقد البعض أن وضع الشوارع سيكون مأساوياً بوجود المرأة خلف مقود السيارة، وقد تضغط أساليب السخرية في وسائل التواصل الاجتماعي على الناس، حتى يظن البعض أن سيارتها في الشارع قذيفة على وشك الانفجار، وأنها ستلتحم في أقرب (صبة)، مع أنني أجزم أن بينهن من هي فعلاً الآن أفضل من الرجل قيادةً وانضباطاً واتباعاً لقواعد المرور والسلامة، ممن قدن سياراتهن في دول أخرى من قبل، أو من سيتعلمن منهن، ممن لم يقدن من قبل. علينا أن ندرك أن الرجل أتيحت له فرصة التعلّم وقيادة السيارة منذ الثامنة عشرة أو حتى قبل ذلك، خلافاً للمرأة التي قد تقود سيارتها الآن وهي في الأربعين أو أكثر، فلا تبالغوا في السخرية، ولا تمعنوا في التخويف من قيادتهن، ولا تخترعوا مواقف مخصصة لسياراتهن، فهن - يا سادة - لسن من ذوي الاحتياجات الخاصة، هن بنات آدم عاقلات بالغات، فدعوهن ينطلقن بسلام، وسندرك قريباً أنهن أفضل بمراحل من سائقيهن الآسيويين.
لقد انتشرت مؤخرًا في مواقع التواصل الاجتماعي توجيهات من قِبل بعض المغرّدين، ودعوة الشباب بأن يقودوا بلا تهور وسرعة، وأن يتبعوا قواعد المرور وتعليمات السلامة، كي يكونوا عونًا لهن، لكن هؤلاء المغرّدين والمؤثّرين نسوا أن المشكلة ليست في شبابنا، فمعظمهم يدركون أنظمة السير ويسعون إلى تطبيقها، لكن المشكلة في السائقين الوافدين، ممن لا يعرفون قواعد المرور، ودخلوا البلاد بتأشيرة سائق، مع أنهم لم يقودوا عربة في حياتهم، وحصلوا على رخصة قيادة في المملكة بـ(البركة)، فهؤلاء هم من نخشى قيادتهم ورعونتهم على سياراتهن وأرواحهن، حفظهن الله. لقد خطون خطوات مهمة، وتم الاستعداد لهذه المرحلة الفاصلة في حياتنا، بوضع مدارس القيادة لتدريب السائقات، ومنحهن الرخص، وتخريج دفعة أولى من بناتنا المحققات للعمل في شركة (نجم) لخدمات التأمين، لمباشرة الحوادث المرورية لا سمح الله، ووضع قانون التحرّش موضع التنفيذ، وغير ذلك من الإجراءات المهمة التي ستمهد للمراحل الطبيعية في مجتمعنا المحافظ.