فهد بن جليد
سيكون أمراً عملياً، وحلاً ناجعاً، إذا ما نجح مجلس الشورى بالفعل في التصويت على فرض غرامات ومُخالفات مالية لكبح جِمَاح ومُمَّارسات البطر والبذخ التي يقوم بها بعض أصحاب الولائم، إضافة للتصرف الخاطئ بترك فائض الطعام في الأطباق بكميات كبيرة عند زيارة المطاعم، كلنا أمل أن يتوصل المجلس إلى اتفاق حول مشروع ( نظام الترشيد الغذائي، ومكافحة البطر وكفر النعمة ) المتوقع مُناقشته في جلسة يوم الأربعاء المُقبل، ضمن حزمة من المُقترحات تشمل فرض غرامة بنحو 20 في المائة من قيمة الفاتورة في حال ترك فائض الطعام في الأطباق في المطاعم، وكذلك غرامة 5 في المائة من فاتورة تكلفة مأدبة الطعام في حال إقامة حفل لفرد أو لجهة دون الحصول على تصريح مُسبق بالتنسيق مع جهات حفظ النعمة، مع توقع أن يُعفى من ذلك كل من يقوم بجمع فائض الطعام وأخذه معه، وكذلك مُقترحاً يُلزم جميع المطاعم - نظاماً - بتوفير أوعية للزبائن لأخذ فائض الطعام معهم، والاستفادة منه، والأهم هو الحديث عن إنشاء مركز وطني للترشيد الغذائي.
هناك شخص واحد من بين كل تسعة أشخاص ينام (كل ليلة) وبطنه خاوٍ من الجوع - بحسب برنامج الأغذية العالمي - الذي يُصنفنا كأحد أكثر المُجتمعات إسرافاً وهدراً في الطعام، بسبب سلوك الأفراد الغذائي وتعاملنا مع بواقي الوجبات في المطاعم والمُناسبات، والذي امتد إلى سلوك كثير من أصحاب المطاعم والعاملين فيها برمي زوائد الطعام في القمامة نهاية اليوم - هؤلاء يجب مُخالفتهم أيضاً - خصوصاً أنَّ تقديرات المنظمة العالمية تتحدث بأنَّ رُبع ما يُهدَّر من الطعام في الشرق الأوسط يكفي لإطعام الجياع والفقراء في العالم بأكمله، التحدي إذاً هو بتصحيح السلوك الغذائي الذي يجب أن يشمل طريقة تقديرنا وإكرامنا للضيوف، بإعادة صياغتها وتشكيلها بعيداً عن مظاهر البذخ، بحيث يجب أن نبتعد بها عن الإسراف والاكتفاء بوجبة معقولة وكافية ومناسبة لأعداد الحضور، وسننجح متى ما كان هذا سلوكاً اجتماعياً سائداً يتفق الناس حوله ويشجعونه دون خجل أو خوف من ثقافة الاتهام بالبخل أو العيب.
ما يجب أن نخشاه فعلاً هو أن يتحوَّل دفع الغرامة الجديدة المفروضة في حال إقرارها، وعدم المُبالاة بها، كجزء من أشكال التنافس والتباهي والتبذير الجديدة، ضمن مظاهر البذخ والبطر التي نهدف أصلاً إلى مُحاربتها ومُحاصرتها في مُجتمعنا، ممَّا يتطلب التفكير بدعمها بعقوبات رادعة أقسى في حال تكرارها.
وعلى دروب الخير نلتقي.