الجزيرة - خاص:
منذ أشهر، بات منظراً مألوفاً لزوَّار جامعة الأميرة نورة بنت عبد الرحمن، أن يصادفوا سيدة تتمرن على القيادة بصحبة مدربة تجلس إلى جوارها في سيارة تجول بين أبنية الجامعة، كجزء من التدريب العملي في مدرسة القيادة التي أسستها الجامعة وتتولى الإشراف عليها سعوديات من بنات هذا الوطن.
وأعربت الدكتورة هدى بنت محمد العميل عن فخرها بأن الجامعة بادرت إلى تدشين أول مدرسة تتولى تدريب السيدات على القيادة الآمنة في منطقة الرياض، استجابةً للأمر السامي التاريخي القاضي بالسماح للمرأة السعودية بقيادة السيارة في يوم الثلاثاء 6 - 1 - 1439هـ الموافق 26 - 9 - 2017م.
وتشير الدكتورة العميل، مديرة الجامعة، إلى أن «هذه المبادرة جاءت دعماً لهذا القرار الحكيم، ومساهمة من جامعة الأميرة نورة في خدمة نساء هذا الوطن، وحرصاً على تقديم أعلى مستويات التعليم والتدريب لتبدأ السعوديات تجربتهن مع القيادة بثقة متينة واحترافية عالية».
وخلال مدة وجيزة من صدور الأمر السامي، وقعت جامعة الأميرة نورة مع الإدارة العامة للمرور يوم الخميس 5/ 3/ 1439هـ، اتفاقية لإنشاء مدرسة لتعليم قيادة المركبات للإناث، في تنسيق مشترك بين الجهتين يهدف إلى رفع الجودة وتحسين المخرجات، لتحقيق تطلعات ولاة الأمر في الشراكة والتعاون بين قطاعات الدولة المختلفة لتنفيذ القرارات.
وفي هذا السياق، تقول الدكتورة العميل: «وقعنا هذه الاتفاقية من منطلق مسؤوليتنا تجاه تمكين المرأة من النجاح، وتطبيقاً للأمر السامي، ولقناعتنا بأهمية معالجة أي معوق قد يواجه المرأة ومشاركتها في التنمية وتحقيق أهداف برنامج التحول الوطني وصولا للأهداف البعيدة للرؤية الوطنية 2030».
وتشير الدكتورة العميل إلى أن «الجامعة أرادت أن تحظى هذه المدرسة بمواصفات عالمية تمكنها من التميز في التعليم النظري والعملي إلى جانب تزويد السيدات بالثقافة المرورية وإرشادات السلامة».
وتضيف: «كانت هذه الاتفاقية أيضاً تحقيقاً لمساعي جامعة الأميرة نورة في تطبيق غاياتها الاستراتيجية المتمثلة في خدمة القضايا المتعلقة بالمرأة والأسرة وإدراج خدمة المجتمع في برامج الجامعة لاستيعاب المستجدات والبرامج التي يتطلبها برنامج التحول الوطني».
وفي سبيل إنجاح هذه التجربة، وقعت الجامعة اتفاقية تعاون مع معهد الإمارات للسياقة بدبي الذي يعد بيت خبرة في هذا المجال على مستوى المنطقة.
وتقول دانا العجاجي، مديرة العلاقات العامة والدولية بالجامعة: «بإمكاننا اليوم أن نقول بثقة تامة إننا خبراء في التدريب على قيادة المركبات مع الحرص على ضمان السلامة في الطريق، ونحن أيضاً واحدة من أكبر المدارس التدريبية للمدربين على قيادة السيارات في المملكة. ومهمتنا هي أن نعلم النساء مهارات القيادة الآمنة. وأن نؤسس لثقافة الأمان في قيادة المركبات، لأن السلامة هي اهتمامنا الأول».
مدربات سعوديات
تبدو المدرسة بكل أقسامها خلية نحل لا تهدأ، فهناك نحو 240 مدربة سعودية يشرفن على تدريب 5 آلاف طالبة في المدرسة بالتناوب خلال فترات عمل تمتد بين الثامنة صباحاً والعاشرة ليلاً، ومن المتوقع ارتفاع عدد المدربات خلال هذه الفترة، كما أن هناك البرنامج المستمر لتدريب المدربات الذي يتم فيه استقبال الراغبات بالانضمام لفريق التدريب وتأهيلهن للقيام بذلك وفقا للمياء الحماد: «جميعهن من السعوديات. انخرطن في دورات تأهيلية وتم تخريجهن كمدربات بمستويات متميزة ونتوقع زيادة العدد بنهاية العام الحالي إلى 500 مدربة».
وتتنقل الحماد، بحماسٍ بين قسم وآخر وهي تشرح للضيوف ميزات المدرسة وخصائص أقسامها المختلفة: «لدينا جهاز متطور لمحاكاة مختلف أنواع القيادة وظروف الطريق وكيفية التصرف وفقاً لهذه الظروف. وهنا قسم خاص بجهاز قلب السيارة لتوضيح أهمية حزام الأمان.. هذا هو قسم وسائل السلامة في السيارة. أما هنا فتتعرف الطالبات إلى أجزاء ومكونات السيارة».
ثم تصل الحماد إلى قسم آخر لتقول: «هذا هو قسمي المفضل.. حيث يتولى تعليم الأطفال من عمر 3 سنوات فأعلى، على قوانين المرور وأنظمة السير».
وتشير الحماد إلى أن «الأطفال يستمتعون كثيراً باللعب هنا ويتعلمون الكثير خلال قيادة ألعاب السيارات، وقريباً سيتم افتتاح قسم لتعليم الصيانة البسيطة».
ولا تكتفي الجامعة بتدريب السيدات كما تضيف الحماد: «فهناك خدمة فريدة تقدمها المدرسة التي وفرت ركناً لرعاية أطفال المدربات والمتدربات لتمكينهن من قضاء الوقت في المدرسة وهن في حالة اطمئنان تام على صغارهنّ».
التطوير والتوسع
وعلى الرغم من هذه التفاصيل الملموسة التي يتكون منها هذا الإنجاز الرائع، تعبر الدكتورة العميل عن طموحٍ متنامٍ بتطوير هذه المدرسة: «في الواقع ينقصنا الكثير، وما تشهده المدرسة اليوم أقل بكثير مما نخطط لبناتنا. فالجامعة هيأت هذا المبنى المؤقت ريثما نفتتح قريبا المبنى الجديد المخصص للتدريب والذي يضم ما يسمى الميدان الذكي».(Smart Yard)
وفي لمحة تعريفية لهذا الميدان، تقول العميل: «سيكون التدريب فيه بشكل آلي وتفاعلي بين السيارة الذكية والميدان والمدرب لقياس أداء المتدربة، وهو مصمم وفقاً لأحدث المواصفات والمقاييس العالمية في التدريب على قيادة المركبات، إضافة إلى فرصة التدرب على القيادة في (منطقة التدريب الذاتي) وهي عبارة عن منطقة آمنة تستطيع الطالبة فيها قيادة السيارة بمفردها وسط مراقبة محكمة من قبل المدرب الذي يتحكم فيها عن بعد حرصاً على السلامة العامة وزيادة الثقة في النفس عند المتدرب في أثناء القيادة».
الميدان الأكبر
وفي معرض تعليقها على مساحات المدرسة الشاسعة والمنظمة، تقول العجاجي: «لدينا أكبر ميدان تدريب في منطقة الخليج أيضاً، إذ يمتد على مساحة 130 ألف متر مربع، ومع ذلك فإن التدريب لا ينحصر في الميدان وحده بل يمتد أيضاً إلى شوارع وطرقات الجامعة».
وعلى الرغم من أن تكلفة البرنامج التدريبي بكامل عناصره المكونة من 30 ساعة تدريبية على مهارات القيادة تبلغ 2520 ريالا شاملة الضريبة، إلا أن الطلب عالٍ على التسجيل للتدريب، كما تضيف العجاجي: «لدينا الآن 5 آلاف طالبة سعودية من مختلف الأعمار، إلا أن قوائم الانتظار تضم 80 ألف طالبة ينتظرن أن يصل دورهن للالتحاق بالدورة».
محاضرات نظرية
تؤمن المدرسة بأن المحاضرات النظرية جزء أساسي من التدريب على القيادة، كما تقول مديرة العلاقات العامة: «فمن خلال هذه المحاضرات تكتسب المتدربة أهم المعلومات المتعلقة بالقيادة الآمنة على الطريق، والتي تعينها على اتخاذ القرارات الصائبة التي من شأنها الحفاظ على سلامتها الخاصة وسلامة الآخرين، إلى جانب الإلمام التام بقوانين المرور ونظم التعامل على الطرق في المملكة».
وتأكيداً لأهمية الجزء النظري، تقول العجاجي: «أثبتت الدراسات والأبحاث الحديثة أن المحاضرات النظرية تسهم بشكل كبير في تقليل الحوادث التي يتعرض لها السائقون خلال السنوات الأولى من القيادة، خاصة إذا تم التركيز فيها على قواعد السلامة المرورية ومهارات اتخاذ القرار الصائب في المواقف المختلفة التي يتعرض لها السائق على الطرق بشكل يومي. وقد انتبهت معظم الدول المتقدمة لأهمية هذا الجزء من التدريب وجعلته جزءاً أساسياً من الحصول على رخصة القيادة».
وتشرح العجاجي العناصر الرئيسة التي تتكون منها المحاضرات: «إذ يتكون الجزء النظري من 8 محاضرات، مدة كل منها ساعة، وهي تغطي طريقة التفكير والتصرف والمسؤوليات، والإشارات المرورية، وإدارة المخاطر، وحالة السائق، والقيادة في ظروف مختلفة، وقواعد الطريق، والتنبؤ بالمخاطر وحالات الطوارئ، وأجزاء المركبة».
وبعد إتمام حضور المحاضرات الثماني، تتولى المدرسة اختبار المعلومات الأساسية التي اكتسبتها المتدربة من خلال الاختبار النظري: «ويعتبر النجاح في هذا الاختبار شرطا أساسيا للبدء بالمرحلة التالية من التدريب».
المتعة في المحاكاة
اهتدت مدارس القيادة في العالم إلى هذه التقنية التي تعد من أحدث التقنيات المستخدمة في التعليم، كما تقول العجاجي: «فبعد استخدامها بشكل كبير وفعال في تعليم قيادة الطائرات، وجدت الأبحاث والدراسات العلمية أن استخدامها كذلك في تعليم قيادة السيارات يؤدي إلى تقليل الحوادث وكسر رهبة المتعلمين الجدد من القيادة».
ويبدو أن دروس المحاكاة تحظى بإقبال كبير من المتدربات اللاتي يستمتعن باستخدامها عبر جهاز يحاكي قيادة السيارة الحقيقية ويتكون من كافة الأجزاء التي يتكون منها داخل السيارة مثل كرسي القيادة، مقود السيارة، لوحة التحكم، مفتاح التشغيل، وحزام الأمان.
تقول المدربة هياء الفوزان: «يحاط الراكب بشاشات تعرض واقعاً افتراضياً تفاعلياً يحاكي عدداً كبيراً من السيناريوهات التي قد يتعرض لها السائق في ظروف جوية وجغرافية مختلفة».
وتضيف الفوزان: «كما يعطي الجهاز تعليماته للراكب بشكل تفاعلي ويوفر تغذية راجعة لمستوى قائد السيارة وتوضيح للأخطاء التي ارتكبها».
وحرصت مدرسة الجامعة على توفير أحدث أجهزة المحاكاة لتدريب الراغبات في تعلم القيادة، وفق تأكيد العجاجي: «وهي تأتي بعد نجاح المتدربة في الاختبار النظري بواقع ساعتين تدريبيتين على عدد كبير من السيناريوهات المختلفة التي تساعد المتدربة على امتلاك المهارات الأساسية في قيادة السيارة».
الميدان واختبار الكفاءة
وتلزم المدرسة المتدربات بخوض 20 ساعة من التدريب الفعلي باستخدام سيارة حقيقية يتم قيادتها بإشراف مدربات على درجة كبيرة من المهارة والاحترافية، كما تقول العجاجي: «فالتدريب العملي جزء لا يتجزأ من تجربة أي شخص يود تعلم قيادة السيارات، وهو يتم على مرحلتين: تدريب الميدان وتدريب الطرق».
ويبدأ التدريب العملي بقيادة السيارة في ميدان مغلق (ساحة) لا تحوي سيارات أخرى: «وفي هذا الميدان تكتسب المتدربة مهارات القيادة الأساسية مثل تحريك السيارة، الوقوف بأنواعه، اللف والدوران وغيرها من المهارات المبدئية».
ويستمر تدريب الميدان لمدة ست ساعات تدريبية: «وتخضع المتدربة بعدها لاختبار تطبيقي يقيس مدى تمكنها من هذه المهارات التي تم اكتسابها خلال تدريب الميدان، وفي حال عدم اجتياز الاختبار، تلتزم المتدربة بساعة تدريبية لكل مهارة لم تجتزها قبل بدئها التدريب العملي على الطرق. وفي حال اجتيازها لاختبار الميدان، تبدأ المتدربة بالتدريب على الطرق الفعلية».
وفي مرحلة التدريب على الطرق، تخوض المتدربة تدريباً مكثفاً على القيادة الفعلية في الشوارع: «فيجب على المتدربة في هذه المرحلة أن تقود السيارة في شوارع مأهولة بالمركبات الأخرى والمشاة لتتعلم أسس القيادة والتعامل مع المركبات الأخرى».
ويستمر تدريب الطرق لمدة 14 ساعة تدريبية تمضيها المتدربة بقيادة سيارة على طرق تحت إشراف مدربة على درجة عالية من المهارة والخبرة، كما تروي العجاجي: «ويلي هذا التدريب اختبار عملي آخر يقيس 16 مهارة أساسية في القيادة ويقيس أيضاً مدى التزام المتدربة بقواعد المرور وأسس السلامة على الطريق».
وهذا ختام مشوار المتدربات، كما تؤكد العجاجي: «فاجتياز الاختبار النهائي يؤهل المتدربة على الحصول على رخصة القيادة في المملكة العربية السعودية من الإدارة العامة للمرور».
* * *
سين AND جيم
ما علاقة جامعة الأميرة نورة بالمدرسة السعودية للقيادة؟
* من منطلق دعم جامعة الأميرة نورة للمرأة في وطننا الغالي، قامت الجامعة بتأسيس هذه المدرسة بالشراكة مع معهد الإمارات للسياقة والذي يعد بيت خبرة إقليمياً في تعليم القيادة باستخدام أحدث التقنيات.
أين تقع المدرسة؟
* داخل حرم جامعة الأميرة نورة على طريق المطار.
أنا أجيد القيادة فهل أحتاج التدريب؟
* تسعى المدرسة بالتعاون مع الإدارة العامة للمرور على تحديد المستويات المختلفة للتدريب حسب الخبرة السابقة والمهارة في القيادة.
هل يستطيع أطفالي الحضور معي للمدرسة؟
* نعم وهناك حضانة خاصة بالاطفال.
أين يمكن لي إجراء الفحص الطبي اللازم لإصدار رخصة القيادة؟
* كثير من المستوصفات في المملكة تقدم خدمة «فحص رخصة المرور». وفي المدرسة السعودية للقيادة يوجد عيادة طبية تقدم هذه الخدمة برسوم 150 ريالاً سعودياً.
كم تبلغ رسوم التسجيل في المدرسة؟
* 2520 ريالا شاملة الضريبة.
هل أستطيع التدرب في الفترة المسائية؟
* نعم، هناك تدريب مسائي للنساء الراغبات في الفترة المسائية، إلى جانب الفترة الصباحية.
هل يستلزم التدريب إجراء فحص طبي؟
* لا تحتاج المتدربة لإجراء فحص طبي قبل بدء التدريب، ولكن يتوجب عليها إجراء الفحص قبل اصدار الرخصة.