سعد السعود
وخرجنا.. ولا جديد.. ذات النغمة البائسة نسمعها في كل مرة.. كلما كسرت الجرة.. حملنا حقائبنا مع أوائل المغادرين.. وتبددت أحلامنا حتى قبل أن يمضي المونديال أسبوعه.. هكذا كانت النتيجة في لقاءين.. صفر من الأهداف ومثلها من النقاط.. ومزيد من الألم والإحباط.. والسؤال العريض: إلى متى هذا الحضور المخجل في كل محفل؟ ومتى نتطور كشأن غيرنا ونفرح ونتأهل؟!
- التأسيس: فلا يعقل أن نقارع العالم ولاعبونا الأصغر بنية والأخف وزناً بين الفرق.. فضلاً عن ما سواها من أساسيات من نوعية أكل وساعات نوم.. علاوة على المهارات الأساسية من استلام وتسليم وكنترول وصعود وعودة وتركيز في أواخر اللقاء وبالعرضيات وغيرها الكثير والكثير.. فكم من مهارة مفقودة ولا يمكن إيجادها لو جلبت كل مدربي العالم متى ما تقدم اللاعب بالعمر.. لذا فرياضة المدارس والمدارس الكروية والأكاديميات هي أول بذرة يجب أن نغرسها لرياضة حقيقية.
- الاحتراف الحقيقي: وأعني هنا ما يفعله اللاعبون بالدول المتقدمة كروياً من حصص تدريبية متنوعة وشاملة.. ما بين صباحية ومسائية.. وما بين تكنيك وتكتيك.. يجمع بين اللياقة والقدرات الفنية.. أما إن استمر عليه الوضع بساعة وساعتين تدريبات وبعدها يتوجه اللاعب لاستراحته ويسامر شيشته ولا يعود لمنزله إلا وجه الفجر.. فبظني سنبقى حيث نحن ولو دفعنا لهؤلاء اللاعبين مال قارون.. فتطورهم سيبقى محدوداً وكذا فكرهم.
- الاحتراف الخارجي: فالخروج للمدارس الأوروبية وتشرب ما فيها من تنوع.. ومحاكاة ما فيها من تدرب.. تسهم في صقل اللاعب فنياً وذهنياً وبدنياً.. ولا أعني هنا ابتعاث لاعبين وهم للاعتزال أقرب.. بل البدء بالنشء فضلاً عن عدم تعقيد المفاوضات وتسهيل وتسريع الانتقال حتى لو اضطر الأمر لتدخل السلطة الرياضية وفرض الأمر.. أما إن استمر اللاعب ينال ما يناله هنا دونما تعب أو كلل فلا أظننا سنتقدم قيد أنملة.. وسنبقى محلاً سر.
- تخفيض العقود: فما يتقاضاه اللاعبون لدينا يفوق بمراحل ما يقدمونه.. بل إن المبالغ المستلمة التي ينالها نهاية كل شهر لو قسمتها على عدد ساعات تدريباته لفجعت بهكذا نتيجة.. فالرفاهية التي يعيشها اللاعب لدينا لا يمكن أن تجعله يفكر بالتحرك للأمام أو البحث خارج الحدود.. لذا فمتى ما تم تخفيض العقود وزيادة ساعات التدريبات وشعر اللاعب بقيمة الريال لكي يناله عندها سنرى من يحفر بالصخر ليحسن دخله.. وسنرى البعض لأوروبا يحزم حقائبه.
- استقرار الجهاز التدريبي: فلا يعقل أننا منذ آخر لقاء ضد اليابان في تصفيات المونديال وحتى الافتتاح تولى هرم الجهاز الفني ثلاثة مدربين.. هذه الفوضى الفنية لا يمكن أن تصنع فريقاً قوياً ولا يمكن أن تقدم فكراً ناضجاً.. فكلما حاول اللاعبون مثلاً التكيف مع أفكار مدرب إلا وتفاجأوا بآخر.. عدم الاستقرار هو أحد أهم المشاكل التي تواجه رياضتنا ولا يمكن أن تمنح الوقت لأي فكر ليرسم ويخطط وينفذ ويطبق.. ففي أي مرحلة من هذه يمكن أن يُفاجأ بمقصلة الإقصاء.. علينا فقط أن نتأمل مثلاً منتخب ألمانيا وتجربته التدريبية وسنعرف سبب تميزه.. ففي 95 سنة أي منذ 1923م وحتى اللحظة لم يقم بتدريب منتخبه سوى 10 مدربين.. بل إن مدربهم الحالي لوف أكمل عامه الثاني عشر مع المنتخب.. فأين نحن عن نهج المتفوقين؟!
أخيراً.. يبدو أن حبر هذا المقال سينضب وما في جعبته الكثير من أمور.. فاحترافية المدير التنفيذي.. وتفرغ الحكام.. وتوفير مستلزمات التدريب.. وانتقاء الكفاءات.. والكثير الكثير من الأساسيات.. كلها تحتاج لعمل حقيقي ينتشلها مما فيه ليضعه في سلم الأولويات ليكون هنالك فعلاً نهضة رياضية حقيقة.
خاتمة
يقول الأسطورة يوهان كرويف: «العب كرة القدم بعقلك، أما قدماك فهما موجودتان لمساعدتك».