خالد بن حمد المالك
يصادف اليوم أول يوم تقود فيه المرأة سيارتها في ربوع المملكة العربية السعودية، في حدث هو الأبرز والأهم في الحراك الاجتماعي في هذه الفترة الزمنية من تاريخ المملكة، بعد طول انتظار، ومطالبات، وتباين في الآراء بين مؤيد ومعارض، ليتم حسم الأمر أخيراً بانحياز خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين إلى المؤيدين لقيادة المرأة لسيارتها.
* *
هذا الاختلاف في وجهات النظر أخَّر الموعد إلى اليوم، بل وجعل المملكة (ربما!!) آخر دولة في العالم تسمح لنسائها والمقيمات فيها بقيادة السيارة، بعد أن كان التعويض عن ذلك بالسماح لسائقين يتم استقدامهم لهذا الغرض، مع عدم وجود أي مانع شرعي يحول دون الأخذ بقرار قيادة المرأة لسيارتها، لكن القيادة كانت حكيمة وهي تراعي الوضع الاجتماعي، وتتحين الوقت المناسب للسماح بذلك، وهكذا كان القرار.
* *
والآن، وقد سُمح للمرأة بأن تقود سيارتها، فليس من المصلحة أن نحاكم الماضي، وننكر أن هناك مصلحة (ربما!!) في تأخير قيادة المرأة للسيارة في بلادنا إلى اليوم، وعلينا من الآن أن ننظر إلى المستقبل المتفائل، وإلى الحاضر المزدهر، فيما يجري من حراك اقتصادي وسياسي واجتماعي سوف يختصر لنا الزمن، ويعوضنا عما فقدناه في الماضي، ويجعلنا في هذا الجزء من العالم نقود مرحلة جديدة في تاريخنا قوامها واعتمادها ومرجعيتها رؤية المملكة2030.
* *
وإذا كانت قيادة المرأة للسيارة حقاً من حقوق المرأة، فإن الاستجابة لمن طالبوا بها جاءت وفق تخطيط مدروس، ومراعاة لكل التحديات المتوقعة، فكان نظام التحرش، والدورات التأهيلية للراغبات في الحصول على رخص للقيادة، وتنظيم يراعي وضع المرأة عند وقوعها في مخالفات مرورية، حيث إنها سوف تعامل كما يعامل الرجل، ولكن ضمن خصوصيتها، من حيث التوقيف والمحاكمة، ووجود نساء في موقع المسؤولية عن ذلك.
* *
لقد كانت الأيام الثلاثة التي سبقت بدء سريان القرار السامي بتمكين المرأة من قيادة المركبة مخصصة لمجموعة من الفعاليات التعريفية، قامت بها مجموعة من الجهات الحكومية والأهلية التي تم اختيارها لتفعيل القرار توعوياً حتى لا تكون هناك مخالفات مرورية عن جهل وعدم إدراك، كما شهدت الشهور القليلة السابقة استنفاراً من المرور لتوفير مدارس لتعليم القيادة وتدريب القياديات، ضمن مجموعة من الخطوات التي قُصد بها أن تتم مشاركة النساء في قيادة المركبات بشكل سلس، وبعيداً عن أي حوادث مرورية إن شاء الله.
* *
ومثلما أعلن مدير عام المرور، فإن الهدف من الفعاليات التوعوية التي أقيمت في أربع مدن تحت عنوان (توكلي وانطلقي) إنما هي فعاليات من أجل تعزيز مفاهيم الأمان والسلامة لقيادة المركبات، وكيفية استخدام الطرق، والتعريف بنظام المرور ولوائحه، وذلك من خلال نشاطات ومسابقات مرورية ميدانية، وتقنية موجهة للنساء والأطفال.
* *
إن قيام المرأة بقيادة سيارتها ابتداء من اليوم تعد خطوة مهمة على الطريق الطويل، وسوف تزيل عنا كل الاتهامات بحرمان المرأة السعودية من حقها، كما سوف ينتهي إلى الأبد استخدام هذه القضية في الإساءة إلى المملكة، إلى جانب أنها سوف تمكن المملكة من التخلص من استقدام من يعملون في البيوت سائقين للنساء فيها، وكلنا ثقة بأن المرأة السعودية ستكون في مستوى الثقة وهي تقود مركبتها كما عهدناها دائماً.