هالة الناصر
تشير جميع الدراسات التي تهتم بالتعليم ومستقبله خلال السنوات المقبلة بانتهاء الكثير من التخصصات وتلاشيها خلال الحقبة المقبلة وبدأت فعلاً بعض الجامعات بتجهيز أمورها والاستعداد لهذا الأمر وخصوصاً في الدول التي لا تولي أهمية لشيء أكثر من اهتمامها بالتعليم، ومما لا شك فيه بأن الجامعات هي التي تقود المستقبل في أي دولة خصوصاً عندما تكون جامعة تدار بفكر إداري يفهم ذلك ويضع نصب عينيه بأن المهمة الأولى والأساسية لكل جامعة هي صناعة الرواد من علماء وقادة وليس مجرد تكديس سوق العمل بموظفين يندر أن تجد بينهم من يستطيع شغر وظيفته دون إعادة تأهيله من جديد مما تسبب في رفع نسبة البطالة والاتجاه بقوة نحو منح الفرص الوظيفية للكثير من الأجانب لقلة مرتبه ولكثرة خبراته وقوته المهنية، قامت بعض الجامعات السعودية بإقفال بعض التخصصات التي تخص العلوم الإنسانية دون دراسة كافية للموضوع من عدة جوانبه، لأنه ببساطة لا يمكن إلغاء هذه التخصصات بشكل غير مدروس لضرر ذلك على مجتمعنا وهذا يفاقم المشكلة ولا يحلها، تخصصات العلوم الإنسانية لا يمكن إلغاؤها بحجة الاستعداد للمستقبل لأنها هي أيضاً من ضرورات المستقبل بل قد تزيد أهميتها لأنها التخصصات الوحيدة المرتبطة بالإنسان سواء تطور أم لا، عكس التخصصات العلمية التي يمكن الاستغناء عن بعضها لعدم الحاجة لها، كما تشير الدراسات العلمية، العلوم الإنسانية ضرورة قصوى دام الإنسان موجوداً على ظهر الأرض، ولا شك أنها مثل أي علوم أخرى تتطور مع المستقبل والحل معها هو تطويرها حسب مؤشرات المستقبل وليس إلغاءها، الذي يفترض أن تلتفت إليه الجامعات السعودية هو إعادة دراسة وتقييم التخصصات العلمية وفق الخمسين سنة المقبلة كما تفعل الكثير من دول العالم الأول، لا أعرف ما هو سر تجاهل التعليم لما يحدث من تغييرات في دول متطورة وذات ريادة علمية، نستطيع أن نحاكي أفضل جامعات العالم بتجهيزها بشكل كامل لتخريج طالب علم مؤهل بشكل حقيقي لإحداث تغيير في العالم كله وليس في السعودية كما فعلت غادة المطيري وكثيرون من طلاب العلم السعوديين عندما وجدوا في جامعات مؤهلة علمياً ليحققوا إنجازات عالمية رفعت اسم بلادنا عالياً، لا يجب في كل نقاش حول التعليم إلقاء اللوم على الطلاب وهم الحلقة الأضعف في منظومة التعليم ومجرد شماعة كلما أردنا تبرير ضعف التعليم لدينا!