مونس شجاع
لم يكن التصريح الشجاع الذي أصدره معالي المستشار تركي آل الشيخ رئيس الهيئة العامة للرياضة مؤخراً عقب الأداء الذي ظهر به المنتخب السعودي في افتتاح كأس العالم 2018 أمام المنتخب الروسي المستضيف بمستغرب من معاليه كقائد ومسؤول عن تطويرالحركة الرياضية بالمملكة، فما تفضل به وصرح بأنه بدأ في تجهيز خطة لبناء جيل جديد كي يتعلم الاحتراف الرياضي لكرة القدم على أصوله هو حجر الزاوية للانطلاقة الحقيقية التي من شأنها أن تحقق النجاح المأمول للمنتخب السعودي في المستقبل القريب بإذن الله.
فقد عرضت في مقال لي سابق عام 2014م بالعدد رقم 15080 في صحيفة الجزيرة بعنوان (الأكاديميات الرياضية ومستقبل الرياضة) عندما تم إطلاق مشروع الأكاديميات الرياضية وإقراره من قبل الرئاسة العامة لرعاية الشباب آن ذاك واستحداث إدارة مختصة لذلك المشروع لتطبيقه والإشراف عليه في معهد إعداد القادة التابع للرئاسة، وما تم من إعداد اللوائح والقوانين المنظمة لإنشاء وإدارة الأكاديميات الرياضية لمساعدتها في تحقيق أهدافها التي أوجدت من أجلها وهي بناء الإنسان الرياضي السعودي منذ الصغر بطريقة علمية مدروسة ووفق معايير عالمية ليعتبر قاعدة انطلاق في الاتجاه الصحيح نحو تحقيق الهدف المنشود منها في المستقبل القريب، حيث تطرقت إلى أن (المتتبع لما تم في دول أوروبا خلال الأعوام الماضية وكيفية بناء تلك الدول وإدارتها لصناعة اللاعب الرياضي المؤهل والمحترف ليس في لعبة واحدة فحسب بل في جميع الألعاب، يجد أنهم قد وصلوا إلى تلك النجاحات من خلال البناء والتخطيط والإعداد الجيد لمثل هذه الأكاديميات التي حملت على عاتقها مسؤولية إعداد وتأهيل اللاعبين منذ الصغر، وفي السنوات الأولى المبكرة حسب المعايير العلمية التي تختلف من رياضة إلى أخرى ومن شخص إلى آخر) فإن أكاديميات الأندية العريقة مثل ريال مدريد وبرشلونة ونحوها تهدف إلى صناعة اللاعب الرياضي المحترف الذي تسعى تلك الأكاديمية إلى أن ينضم إلى فريقها الأول لكرة القدم!.
ولعل ما قام به معالي المستشار تركي آل الشيخ في بداية هذا العام من التوقيع مع رابطة (الا ليغا) الإسبانية وذلك لإنشاء أكاديميتين رياضيتين واحدة في الرياض والثانية في جدة؛ كذلك سبقها بالتوقيع مع العالمي أوليفر كان لتأسيس أكاديمية متخصصة في مركزحراسة المرمى لهو دليل على نظرته الثاقبة كقائد للحركة الرياضية في المملكة، فالأكاديميات الرياضية هي حجر الزاوية في إنجاح أي ناد أو منتخب رياضي.
وكما صرح معالي المستشار في أنه يجب ابتعاث مالا يقل عن ألف شاب سعودي من عمر 12 وحتى عمر 18 عاما بشكل عاجل كي ينضموا للاحتراف الرياضي في الأكاديميات الرياضية العالمية هو خطوة صحيحة 100%، من شأنها أن تخرج جيلاً رياضياً محترفاً بكل ما يحمل ذلك المفهوم الرياضي من معنى، بما يتماشى مع أهداف رؤية 2030 الخاصة بهيئة الرياضة وبالتحديد الهدف الاستراتيجي الرابع وهو (تمكين وضمان استدامة رياضيي النخبة من تحقيق أداء عالي المستوى في المحافل الدولية للفوز بالميداليات في الألعاب المختلفة)، فالاحتراف الرياضي وضع لعدة أسباب من أهمها الارتقاء بمهارة وفن اللاعبين إلى مستويات عالية تؤدي به إلى المنافسة العالمية وأن تصبح الرياضة هي مهنة للاعب المحترف ومصدر كسب رزقه وضمان المستقبل له، وما يتبع ذلك من تأمينات اجتماعية وتأمين طبي ورعاية ومميزات وظيفية أخرى تشجعه على الاستمرار في اللعب بالإضافة إلى تفرغه التام للتدريب والنشاط البدني لكي يحقق مستويات عالية من الأداء في كرة القدم تنعكس على نتائج فريقه، ولكن الواقع يؤكد على أن الاحتراف قد انحرف مساره عن أهدافه الرئيسية مما أدى إلى تدني مستوى الأداء الرياضي لبعض اللاعبين مما انعكس على أداء المنتخب ككل.
ولوضع الخطة لا بد أن تمر بأربع مراحل وهي (الإعداد - الإقرار- التنفيذ - والمتابعة) ويمكننا في نفس الوقت وللتعجيل في تنفيذ تلك الخطة الطموحة البدء في اختيار المستهدفين من ألف شاب سعودي من الأكاديميات الرياضية الفعالة التي بدأت منذ إصدار ذلك التنظيم قبل عدة أعوام، وهناك عدة أمثلة لنواد رياضية سعودية كان لها السبق بذلك، ولعل من أوائل الأندية التي كان لها الصدارة هي أكاديمية النادي الأهلي السعودي التي تحمل الترخيص رقم (1) من قبل هيئة الرياضة فقد تم الافتتاح والتشغيل لها في عام 2006 م وكان لها عدد من المخرجات للاعبين منهم اللاعب مصطفى بصاص ومعتز هوساوي ووليد باخشوين والجزاوي فهي مثال حي لنجاح نلك الأكاديميات الرياضية إذا ما توافرت لها الأسباب لذلك بعد توفيق الله.
فالشريحة العمرية المستهدفة بتلك الخطة كما أشار معالي رئيس هيئة الرياضة واسعة جداً ومنتشرة في شتى أنحاء المملكة وبناء على ذلك فإننا بحاجة إلى وضع معايير علمية للمرشحين ومنها تحديد الفئات السنية المستهدفة - وضع المعايير المعتمدة لكل فئة من الفئات السنية مثل معايير (فنية - لياقة بدنية - مهارات حركية - قدرات تحمل) وما إلى ذلك من المعايير المهمة التي لا يقل أهمية عنها وجود إدارة فعالة ومؤهلة للإشراف والمتابعة لتنفيذ تلك الخطة الطموحة التي يسعى لها معالي رئيس هيئة الرياضة وبنفس الوقت هي أمل الجميع بعد الله في عودة المنتخب إلى مكانته المرموقة التي كان عليها بإذن الله.