هدى بنت فهد المعجل
يا من حوى ورد الرياض بخده
وحكى قضيب الخيزران بقده
دع عنك ذا السيف الذي جردته
عيناك أمضى من مضارب حده
كل السيوف قواطع إن جردت
وحسام لحظك قاطع في غمده
إن شئت تقتلني فأنت محكّم
من ذا يطالب سيداً في عبده؟!!
بروتوكول الطرب الفيروزي شكّل مدينة فن مستثنى.. لامرأة مستثناة، لم تنتهج نهج عدة فنانات اتخذن من الشكل الخارجي سلماً يصعد بهن إلى قمة وهمية لا تلبث أن تزول بزوال الشكل، أو قبل زواله!!
فمن هي هذه المرأة المستثناة..؟..
وأي فن مستثنى وهبته لنا..؟..
***
رائحة القهوة تختلط وصوتها...
تنبعث وصوتها...
تسمو.. تعلو.. ترتفع.. تتجانس.. تمتزج وصوت فيروز.. ولكن أين، ومتى..؟؟!..
حيث امرأة لم تغنِ للحب العذري وحده..
لم تشتك، لليل السهارى، غياب الحبيب.. هجره.. موته.. غضبه.. عناده.. أو قربه وذوبانه..!!
لم تحك فينا المشاعر.. أو تستثير مكامن عواطف الغزل، فقط..
بل حاكت كل هم فينا.. وكل فرح يعترينا..
كل جوع.. وعطش.. كل ارتواء.. وشبع..
حاكت المدن.. والقرى.. المنافي.. والفيافي.. الوطن.. والتشرد.. والاستقرار.. الطفولة.. ورعايتها واغتيالها..
حاكت ما لم تحاكه، ويحاكه أي مطرب نشأت بيننا وبينه علاقة طرب أصيل.. وأصيل جداً..!!..
***
لأجلك يا مدينة الصلاة، أصلي..لأجلك يا بهية المساكن..
يا زهرة المساكن.. يا قدس يا مدينة الصلاة، أصلي..
عيوننا إليك ترحل كل يوم..تدور في أروقة المعابد..
تعانق الكنائس القديمة.. وتمسح الحزن عن المساجد..
***
طيري يا طيارة طيري
يا ورق وخيطان
بدي ارجع بنت صغيرة
على سطح الجيران
ينساني الزمان
على سطح الجيران
***
بروتوكول الطرب الفيروزي أسس للثقافة العربية فناً مختلفاً.. بشخصية لافتة للأذواق الراقية.. وأرّخ تجربة استحقت أن يستفاد منها.. ويعتمد عليها.. أن تدرّس في معاهد الفن والموسيقى.. ومعاهد أخرى ومدارس كي تحفظ لفيروز الرمز إسهاماتها خلال عمر مديد.. وسنوات حافلة قدمت فيها الغناء، لا كطرب.. وتسلية.. أو تنفيس عن النفس وسحق الهم، كما اعتدناه من جميع الفنانين إلا قليلاً... بل كما ذكرت ثقافة عربية، عريقة، عميقة الجذور راسخة.
***
من زمان أنا وصغيري كان فيه صبي يجي من الأحراش ألعب أنا وياه كان اسمه شادي أنا وشادي غنينا سوا ركبنا على الثلج ركضنا بالهوا كتبنا على الأحجار أصص صغار ولوحنا الهوا ويوم من الأيام ولعت الدني ناس ضد ناس.. علقوا بها الدني وصار القتال... يأرب على التلال.
***
الطرب الفيروزي قدم الحبكة الدرامية.. والسرد القصصي المؤثر.. بعد أن امتزج في فنجان موسيقي أخاذ.. فصرنا نتخيل ما يسرده لنا صوت فيروز.. نعيش أحداث القصة.. نتمرحل مع مراحلها دون شعور منّا بالملل من جراء المزج.. لأنه جاء محبوكاً ليس كنص شعري.. بل وحبكة أداء مطربة تتفاعل مع النص تفاعلاً قد يبكي.. كما يفرح ويبهج.
الطرب الفيروزي مكتبة ثرية.. ثراء ليس من السهل حصره.. أو إحصاؤه.. ولا نستطيع حيال هذا الثراء إلا أن نحافظ عليه.. ونحتفظ به.. ونحن نتذوقه كل مرة بنكهة مختلفة.. وحس متجدد.. وانسجام تأمل في الصوت والكلمات.. وفي صاحبة الصوت ربما نخرج من تأملنا بما لم يخرج به أحد قبلنا.. أو ما لم نخرج نحن به من قبل.