قدم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما، فقال: ما هذان اليومان؟ قالوا: كنا نلعب فيهما في الجاهلية، فقال -صلى الله عليه وسلم-: «إن الله أبدلكم بهما خيراً منهما، يوم الأضحى، ويوم الفطر» أخرجه أبو داود وصححه الألباني.
العيد فرح وسعادة بطاعة الله وهبة للفائزين في شهر رمضان؛ فكأنه يوم توزيع الجوائز، وما أجمل أن نستشعر ذلك باليوم الذي يقول الله فيه للمؤمنين: (كلوا واشربوا هنيئا بما أسلفتم في الأيام الخالية) ثقة بالله ويقيناً وحسن ظن، وتفاؤل يسبقه حسن العبادة والإخلاص، وأن نكون ممن استودع في رمضان ما يرضي عنه مولاه، ووداع رمضان لا يعني الانكفاء والحزن؛ بل نبكي على خطايانا ونعزم على التوبة، وسلوك طريق الهداية مع دعاء الرحمن بأن يعيده، ونحن على العهد مع الله مستقيمون، وله طائعون، ثم نفرح بعيدنا أهل الإسلام كما فرح رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وجعل للناس فيه فسحة ولعبا مباحا، تتجلى فيه الآداب والأخلاق الحميدة، وفي العيد يظهر مع الفرح به الكرم والعفاف والستر والحشمة، وفي العيد يفرح المؤمنون بتمام شهرهم يخرجون مكبرين لله تعظيماً له وشكراً {وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}.
وفي العيد تتصافح الأيادي بالسلام والمباركة ولأصحاب الصدور السليمة موعد في مثل هذا اليوم بالعفو والصفح (وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم). في العيد لا مجال للمعصية والابتداع؛ بل للطاعة والاتباع فرحة بطاعة وعزم على الدوام في رضوان الله {قُلْ بِفَضْلِ اللّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ}.
النعم لا يقابلها المؤمن بكفرها؛ بل بشكرها {لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ}، يلبس الجديد ويصلي مع المسلمين اقتداء بالنبي- صلى الله عليه وسلم- والنساء يشهدن الصلاة؛ حتى الحائض تشهد وتترك المصلى؛ لتدرك دعوة المسلمين، وهذا تأكيد على فضل صلاة العيد وسنيِّتها، وفي العيد عبادة وفرح وتكبير وحديث الأنس والترحاب بين الأهل والأقارب، وفي هذا ترابط لا ينفك بين الدين وبين الشرع والحياة، وأن كل شيء في هذه الحياة -حتى الفرح والعادات- هي بميزان الشريعة وضوابطها، فالحذر الحذر أن يكون العيد للهو واللعب والإسراف، وانتهاك حرمات الله، فويل لهذا من عذاب الله، فما هكذا تشكر النعم وتختتم الصالحات؟!!
وفي العيد يبدأ التكبير من غروب ليلته حتى صلاة العيد: الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد، ويسن أن يخرج المسلم إلى الصلاة وقد أكل تمرات وتراً، يلبس أحسن الثياب وأن يخرج من طريق ويرجع من آخر، وليبادر المسلم بتهنئة الأقارب وحضور اجتماع العيد والفرح معهم، وحسن الصلة بهم وبث السرور بينهم بلا مخالفة أو إثم.
فالحمد لله الذي جعل في ديننا فسحة وفي ختام الأعمال الصالحة فرحا وأنسا وروعة، فاللهم تقبل منا واجعلنا من الفائزين والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.