خالد بن حمد المالك
موقف الحوثيين من التطورات في ميدان المعارك، ومن محاصرتهم في دوائر بين الاستسلام أو مواجهة الموت، موقف لا يحسدون عليه، بعد أن أعطيت الفرصة لهم مبكراً لتجنب هذه النهاية المأساوية، وكان عليهم أن يحقنوا دماء الأبرياء، ويجنبوا البلاد هذا الدمار، ويكونوا شركاء في إدارة الدولة ضمن الاتفاقيات ومخرجات الحوار الوطني، ولكن أبوا واستكبروا ورفضوا كل الحلول، إلا ما يصدر لهم من قم، وهو مواصلة القتال مدعومين بالأسلحة الإيرانية والمال القطري.
* *
الآن ها هي وصايا إيران التي يحاربون بالوكالة عنها تذروها الرياح، وتدور الدوائر عليهم وعليها وعلى كل من وقف إلى جانب الانقلايين، فالنهاية لهذا الليل الطويل، وتلك السنوات التي تميزت بالدمار سوف تنتهي، ولكنها سوف تؤخر اليمن الشقيق عن مواكبة جيرانه في التطور، وصولاً إلى اضطراره للاعتماد عليهم في إصلاح ما أفسدته سياسة الميليشيات الانقلابية بأكثر مما كان يقدم لهم من دعم قبل حربهم المجنونة.
* *
أسوأ ما في المشهد الآن إصرار الحوثيين على المقاومة اليائسة البائسة، وعدم الاستسلام، والتمسك بما تمليه عليهم إيران، مع أن الحديدة بمطارها ومينائها هي في حكم قبضة الجيش الوطني اليمني مدعوماً بالتحالف، وما هي إلا مسألة ساعات أو أيام ويتم تطهيرها تماماً، وبالتالي فالطريق يبدأ منها لتحرير العاصمة صنعاء بأقصر فترة زمنية، مع الحرص على تجنب المدنيين من أتون هذه المعارك التي فرضها الانقلابيون.
* *
الآن وأمام هذه التطورات، ليس من مصلحة للحوثيين في الإصرار على المقاومة، وعدم القبول بكل الحلول المعروضة للتخلي عن السلاح والاستسلام، والتحوّل إلى حزب سياسي يشارك في بناء اليمن بعيداً عن التصعيد السياسي والعسكري، أو التفكير بالانفراد بالسلطة، تلبية لرغبة إيران في أن يكون ما يُسمى (أنصار الله) في اليمن مثله مثل ما يُسمى (حزب الله) في لبنان، هما الآمرين والناهيين في هاتين الدولتين الشقيقتين لتحقيق مصالح إيران.
* *
ومع أن هذه الميليشيات لن تقبل بالتخلّي عن طموحاتها، وفي مقابل ذلك فلن تكافأ من الجانب الآخر على مغامراتها بالانقلاب على الشرعنة، ثم الحرب بتحقيق شيء من مطالبها، وهي التي تتعرض الآن لهزيمة مذلة، ما يعني أن عليها لتجنب المزيد من الخسائر البشرية في صفوفها، أن تتوقف عن مواجهة نيران الجيش الوطني وقوات التحالف، وأن تسلّم أمرها من الآن ومستقبلاً للمخلصين من أبناء اليمن الذين لم تلوّث أيديهم وأفكارهم وتصرفاتهم بالمواقف المشبوهة، ولم يكونوا ذات يوم عملاء لإيران كما هم الحوثيين ضد مصالح اليمن، وظلوا متمسكين بمصالح اليمن، وأنهم جزء من عالمهم العربي لا الفارسي، وتهمهم مصلحة أشقائهم كما هي مصلحة بلادهم.
* *
لقد انتظر الشعب اليمني الشقيق هذه النهاية السعيدة في انتصار الشرعية، وهزيمة عملاء إيران، والعودة باليمن إلى حالة من الاستقرار، والتعايش مع جيرانه، ورفض التدخل الإيراني في شؤونه الداخلية، وها هي بوادر تحقيق ذلك تلوح في أفق الحديدة، ويبشِّر سير المعارك بنصر قريب ينهي هذه السنوات التي تميزت بالحزم والعزم وإعادة الأمل.