محمد آل الشيخ
في هذه العجالة سأتحدث عن موضوع هو بالنسبة لي حساس، وقد يعطي عني انطباعاً خاطئاً لدى القراء حرصت طوال مسيرتي الكتابية أن اتحاشاه، وهو أنني انطلق في بعض آرائي من (الحميّة الأسرية)، وانحّي الفردانية التي هي أساس الدولة المدنية، لكنني هنا وجدت أن من واجبي الوطني، الذي أرفع من مقامه فوق الأسرة أو القبيلة أو الطائفة أو المنطقة، يُحتم علي أن أتطرق إلى هذا الموضوع متجاوزًا حساسيته. إذ سأتحدث عن شخص تربطني به علاقة قربى أسرية، الأمر الذي قد يجعل من لا يعرفني، ولا يعرف ثوابتي التي لا أساوم عليها في الكتابة، يعتقد أن (الحميا) الأسرية، هي التي دفعتني لهذا المقال.
الموضوع الذي سأتطرق إليه هنا عن الأستاذ تركي بن عبدالمحسن آل الشيخ بصفته رئيس الهيئة العامة للرياضة، وهل هو فعلاً مسؤول عن الانتكاسة الكروية التي مني بها منتخبنا في روسيا أم لا؟
كل من تابع الشأن الرياضي، وعرف دهاليزه، والدوافع (غير النزيهة) التي اكتنفت صناعة القرار الرياضي طوال العقود الماضية، يستطيع ان يعرف الأسباب والمبررات التي أوصلتنا إلى هذا الواقع، إضافة إلى أن كثيرين يوافقونني أن (القرارات) الشجاعة التي اتخذها رئيس الهيئة الرياضية الجديد، كانت بمنزلة الخطوات التصحيحية الضرورية، وربما المؤلمة أيضًا للبعض، لكن كان لا بد من اتخاذها. وغني عن القول إن الوضع الرياضي كان مريضاً فعلاً في الشكل والمضمون الذي يحتاج إصلاحه إلى علاج جذري، يغوص إلى الجذور وليس لما هو ظاهر على السطح؛ ولا يمكن أن يكون ذلك بقرار أو حتى عدة قرارات يتخذها مسؤول، دون أن يؤسس أولاً بنية مؤسساتية تحتية متجذرة وراسخة من شأنها أن تصلح مسيرتنا الرياضية برمتها، وهذا ما أشار إليه الأستاذ تركي إن تصريحاً أو تلميحاً، غير أن الإنسان البسيط يريد حلولاً آنية سحرية، أو تلفيقية، أو بطرق (تزويرية) كما يفعل القطريون مثلاً، إلا أن هذه الحلول - كما علمنا التاريخ - دائماً ما تكون مثل الزبد، الذي لا يبقى في الأرض، وإنما يتبخر وينتهي ما أن تضربه سياط شمس الحقيقة؛ ولأن القضية تتعلق مباشرة بإنشاء بنية تحتية، متشعبة، لصناعة اللاعب القادر على العطاء، فإن حلول كهذه لن تجد شعبية، إلا أنها - وإن عارضها كثيرون - هي الحل الذي سيجعل الكرة التي أصبحت الآن صناعة وحرفة، وليست مجرد هواية، تسير في الطريق الصحيح، والنتائج في هذه الحالة تحتاج إلى زمن وصبر، لكنها ما إن تبدأ في إيتاء ثمارها، فإن من شأنها أن تستمر إلى يوم يبعثون.
وفي رأيي أن نهج تركي آل الشيخ الجديد هو النهج الصحيح لكنه يحتاج لكي يُأتي أكله، ويكون ناجحًا إلى قدر من (الزمن)، وعدم استعجال النتائج، بل وتحمل الاخفاقات التي قد تحدث في البدايات بين الحين والآخر.
بقي نقطة، قد يأخذها البعض على الأستاذ تركي، وهي المتعلقة بالأسلوب الخطابي (الشبابي) الجديد الذي يتعامل به مع وسائل الإعلام، وهو أسلوب يواكب حكومة الشباب التي ينتمي إليها، وكثير من الجماهير (اعتادت) على خطاب جاف مفتعل يتصنع الرصانة، ويعتمد الخطابية، ويكرر معلبات قولية في الإشادة أو التبرير، وهذا الخطاب مله الناس، وأكل عليه الدهر وشرب، في حين أن لغة الأستاذ تركي سهلة وغير متكلفة، تفهمها الفئة الشابة التي تمثل 70 % من سكان المملكة، إضافة إلى أنها (حازمة) تعكس بصدق الحكومة الشابة التي يمثلها.
بقي أن أقول إن انتكاسة منتخبنا في موسكو كانت ربما مؤلمة، لأننا رفعنا سقف التوقعات إعلامياً، دون أن يكون اللاعبون مؤهلين لتحقيق أي إنجازات، وما انتهت إليه هذه التجربة، كنا في أمس الحاجة إليها، فكما يقولون: ليس من العيب أن تخطئ، ولكن العيب كل العيب أن تكابر وتصر على أخطائك.
إلى اللقاء..