د.ثريا العريض
لم أجد للطريق علامات كي اهتدي لانتمائي
لم تترع الحرفَ من لهفةِ الشرفات اللغات..
ولا.. لم يباغتني موسمُ الغوصِ أشرعة لانتشائي،
وأفق الطيور الذي رمتُه لا يزال يحاصره الغيم
*
قالوا:
«وهل مارس الغيبُ غير الغيوم..؟»
انفطرتُ:
«أراه.. أراهُ.. ولو كان غيثاً سيهمي..»
ولكنه ما همَى..
*
قبل تغريبةِ الروح والشفق الواعد المتنائي
كان ثمّة حلمٍ بهيِّ التضاريس
أهزوجة كالطفولةِ يوم تآخت وصاهلة الفجرِ توأمُ روحي،
فهل أرتديه صقيعاً؟
إذا هو يرتدّ مثل احتراق المدى بالصقيع يهددني بانطفائي.
*
خلتُني نورساً عاشقاً أستجيب لأرجوحة اللازوَرد، تراودني باشتعال الزمرد في زبَد الملحِ حتى ارتواء المدار اخضراراً بما لم أبح من تساؤلهِ.
***
قال لي الفجرُ:
في الجو غيمٌ فماذا ترين من الغيبِ؟
*
قلتُ: الكهانة في الحرفِ تقتلُ
لن أنطق الآن..
فالحرف مكتملٌ زبرجدُه في العروقِ ومنبجسٌ بالبكاء.
لن أنشد الآن والصبح يلغي وضوح التضاريس والحلم
ما حملت بي غيوم الفضاء.
*
قال لي الغيمُ:
لا تشرعي الصوتِ قبل أوان الزمرد.
ليس الزمان زمان التساؤل، ليس الزمان زمانَ التفاؤلِ، لن تقبل الروح أن تهدر الصوتَ منحدرات التهدّج، تفتكُ بالأفقِ مستنقعات الجليد،
فلتكتفي الآن بالغيم أو تكتفي بالسفوح..
*
قلتُ: ليس الزمان زمان التهافتِ..
لن أتبارى بمنحدرات التنازلِ كالصخرِ يشتدّ للقاع حتى جفاف الصدى في الوريد,
ولا.. لم أكن أعرف الفجرَ حين يبيح التضاريس للطيرِ ينكأ كلَّ الجروح،
ويفضح أرواحنا تتوسل موسمها فرحاً وفضاء.
*
فجري بليغ إذا أمطر الغيمُ،
يهمي حروفاً مكللة بالأهازيج تصفو برؤيتها، فتبيح حرير النشيد.
لي زخمٌ قادمٌ،
وأفقٌ سيأتي
سيأتي،
وأجنحةٌ..
وفضاءٌ ملحٌّ...
*
ولي يومُ عيدٍ.. بأفقِ الزمرد..
نافذة لرفيف الفرح...
*
من يستقي الغيم أفقاً؟
رؤى الارتهان لغفوة ناصية الليل؟
أو جذوة الصوتِ تجترح الدفءَ حتى انبلاج المسافاتِ واعدةً بالبهاء؟
*
سأهزجُ..
حتماً سأهزجُ..
فالغيم واعدني الانهمار المضيء
وهالات قوس قزح.