رجاء العتيبي
ليس من المنطق أن تلوم لاعباً لم يعدّ مسبقاً لمثل هذه المناسبات العالمية, إذا كان هناك مساحة للوم, نلوم الأنظمة المؤسساتية المعنية باللاعب منذ أن كان طفلاً بالروضة مروراً بالمراحل العليا وانتهاء بالتعليم العالي والمعاهد المتخصصة.
لا يمكن لطالب أن يرسم لك لوحة سريالية وهو لا يملك موهبة الرسم ولم يتعلمها بمنهجية, إذا أتيت بلوحة لهذا الطالب في معرض تشكيلي, واستهجن الحضور لوحته فلا تلوم الطالب, أنت من أتيت به, وأنت من سمحت للوحته لتكون ضمن لوحات المعرض, أما هو فلا نلومه.
اللاعب الذي أتى لكأس العالم على مر المشاركات الخمس الماضية والحالية وهو لا يعرف أن يتخذ قراراً في أجزاء من الثانية أو لا يتصف بموهبة كروية بارزة, أو لا يملك معايير اللاعب العالمي, أو لا يملك ذكاء وحضوراً ذهنياً لحظياً, أو أو أو... فهذا ليس شأنه, هو شأن تاريخ من الإعداد المرتبك وثقافة تأهيلية تجتر نفسها.
الأهداف الخمسة التي تلقاها منتخبنا من منتخب روسيا في افتتاح كأس العالم بروسيا هذا العام, تمثل لنا لحظة (وعي) ما كانت لتكون لو فاز منتخبنا, في كل مرة يأتي الهدف يصرح سؤال: ماذا فعلنا حتى نتلقى خمسة أهداف في كأس العالم، وقبلها 8 أهداف من ألمانيا في مونديال 2002م, وقبلها 4 أهداف من السويد.
طوال السنوات الماضية لم نسأل: ماذا فعلنا حتى نخسر؟.. وماذا يمكن أن نفعل حتى نكسب؟.. كانت العواطف تلعب لعبتها والغضب والصراخ والنقد واللوم المتبادل وينتهي الحدث في طي النسيان, لنعيد الموال في كل مونديال.. لأول مرة في تاريخ الكرة السعودية, يخرج مسؤول في أعلى الهرم الرياضي ويعلن تحمله للمسؤولية كاملة, وهذه شجاعة قل نظيرها.. قال معالي الأستاذ/ تركي آل الشيخ أنه يتحمل المسؤولية وأنه بصدد تكوين أنظمة جديدة لتطوير لعبة كرة القدم, أظنها لحظة (وعي) نحن بأمس الحاجة لها, يمكن أن نقول وبكل ثقة إن الأهداف الخمسة، أهداف مباركة إذا نظرنا إلى الزاوية الأخرى الإيجابية, لأننا سنشاهد جيلاً جديداً يلعب كرة قدم بمنهجية مختلفة عن السابق.
لا نتوقع لا من قريب ولا من بعيد تكرار الأخطاء طالما أن المسؤول يعي مهمته, وطالما هناك أقلام واعية صادقة في نقدها, وتحديداً تجاه قرار عادل عزت في معاقبة بعض لا عبي المنتخب دون غيرهم, وهنا يظهر الفرق مسؤول يتحمل المسؤولية ويعد بالتطوير, ومسؤول يعاقب لاعباً ليس ذنبه سوى أن المسؤول اختاره.
الأهداف الخمسة هي أهداف مباركة من منظورها الإيجابي, يكفي أنها جعلتنا نعيد النظر في منظومتنا الرياضية بشكل أعمق, ليكون منتخبنا إعصاراً إذا لعب لا شيء يعيقه بشكل واقعي وليس مجرد أغنية.