سعد بن عبدالقادر القويعي
لا تقف أهمية معركة تحرير الحديدة على الصعيد العسكري -فقط-، والمتمثل في تأمين الشريط الساحلي من أي هجمات تستهدف الملاحة الدولية، وإيقاف عمليات تهريب الأسلحة، والصواريخ الإيرانية، وقطع طريق تسلل عناصر الحرس الثوري الإيراني، وحزب الله اللبناني، ومواصلة تحرير بقية المدن، والمحافظات، وإنما تمتد إلى المستوى الإنساني، والذي يعتبر -في حقيقة الأمر- الهدف الأسمى؛ حيث تمكن السيطرة على ميناء الحُديدة من تأمين سفن الإغاثة التي تحاول الميليشيات احتجازها، وتدفق المساعدات -الإغاثية والإنسانية- للمحافظات الأخرى.
سيطرة الحوثيين على ميناء الحديدة، جعله عائقًا كبيرًا أمام وصول المساعدات إلى الشعب اليمني الذي يرزح في معاناة إنسانية تحت سلطة الانقلابيين، وهو ما أسقط كل المبررات التي كانت تحول دون تحريره من قبضتهم، - خصوصًا - وأن التحالف العربي طالب - مرات عديدة - بالإشراف الأممي على ميناء الحديدة؛ لإيقاف تدفق الأسلحة إلى الميليشيات الحوثية، إلا أن ذلك لم يتم حتى الآن؛ بسبب الرفض من قبل الميليشيات الحوثية، والمماطلة الأممية؛ الأمر الذي زاد الوضع الإنساني المأساوي سوءاً، حين بلغوا أصلاً حالة قصوى من الإنهاك، وهو ما أكد عليه - الأمير - خالد بن سلمان - سفير المملكة العربية السعودية لدى واشنطن - ، بأن: «ميليشيات الحوثي تطيل أمد معاناة الشعب اليمني».
دخول المساعدات الإغاثية عن طريق ميناء الحديدة، تهدف إلى تخفيف معاناة اليمنيين من جراء الانقلاب الإجرامي، وسياساته، بعد أن استمر مسلسل انتهاكات الميليشيات الحوثية بحق أبناء المدينة، وارتكبوا العديد من الجرائم التي يمكن وصفها بأنها: «جرائم ضد الإنسانية»، كاستخدام المدنيين كدروع بشرية، وقصفهم العشوائي للمنازل، والمستشفيات، - إضافة - إلى ارتكاب جرائم القتل، والاعتداء، والاختطاف، واقتحام المنازل، ونهب الأموال العامة، وإقصاء، وإحلال، وتجنيد الأطفال، واستحداث النقاط العسكرية، والتي تصنف، كـ: «جرائم حرب»، بل وذهبت كل الإغاثات المخصصة للتخفيف من معاناة المواطنين، ومن غير رقيب، أو حسيب إلى مخازن الميليشيات الإرهابية.
سيكون استعادة ميناء الحديدة من قبل التحالف العربي، وقوات الشرعية تطبيقًا عمليًا على الامتثال الصارم للقانون الدولي الإنساني، وتطورًا نوعيًا مهمًا في ظل تصاعد وتيرة العنف، والجرائم الجسيمة، والانتهاكات المتتالية التي تمارسها الميليشيات الحوثية بحق اليمنيين، وذلك في ظل تخاذل المجتمع الدولي حيال هذه القضايا الحقوقية، والتي لا تحتمل التأجيل؛ لارتباطها الوثيق بأرواح الناس، وممتلكاتهم، ومصادر معيشتهم. - وفي المقابل - سيفتح الطريق لتحرير باقي المحافظات الساحلية في شمال اليمن، وذلك في إطار السعي لإحكام السيطرة على كل المنافذ البحرية؛ ما يمهد للوصول إلى محافظات الوسط، وعلى رأسها - العاصمة - صنعاء.