عبده الأسمري
انطلق من عمق البحوث فعانق أفق المعالي. تقدم بأسبقية المفكرين فاستقدم التطور لإخراج الجهل من أقبية الظلاميين.. ترك وراءه بصمات «التنوير» وسط متون «السداد» وأجهض نداءات التبرير في هوامش «التشدد» في سيرته مداد خبرة وعتاد عبرة.. مد جسور الوسطية وأطفأ جذوة أطراف ملتهبة من التطرّف فكان معادلة بشرية وإدارية لقيادي محنك حارب فتن «الفوضى» وانتصر لمتن «الفضيلة» وفق منظومتها الأصيلة فكان قاضياً بالصلاح ماضياً بالفلاح في كيميائية عجيبة بين الرأي والتطلع كان الحزم فيها عدداً لا يقبل القسمة إلا على نفسه.
إنه رئيس الهيئات السابق وزير الشؤون الإسلامية المعين حديثاً الدكتور عبداللطيف آل الشيخ أحد أبرز وزراء المرحلة المقبلة.
بوجه تسكنه علامات الهيبة وسكنات التواضع ومحيا متدين وسطي باسم تعلوه اناقة عامرة بالوسطية تؤطرها لحية متوسطة الطول مشذبة العرض تتوارد من كاريزما معتدلة يتباين منها النبل قولاً والعدل فعلاً مع صوت جهوري ينضب بالقرار وينبض بالاستقرار في منابع التوصيات ومشارف التطورات قضى آل الشيخ عمراً وأمضى عقوداً ممارساً للعمل الإداري والاستشاري والبحثي والقيادي بشخصية استمدت اليقين من الوسطية واستلهمت الوعظ من الاعتدال.
في هضاب نجد ركض آل الشيخ طفلاً مراقباً للوفود العلمية وهي تتردد على حلقات العلم في منزل والده ومجالس أعمامه مخطوفاً إلى «الوجاهه» في جنبات عائلة آل الشيخ الباذخة بزف العلماء والفضلاء إلى الوزارات والجامعات فتكونت في ذاكرته «الغضة» أسس الفضائل باكراً وتشكلت في قلبه نصوص القيم فكان مشدوداً إلى الأجواء الدينية والتربوية التي صنعت منه «طالباً ماهراً» موشحاً بالنبوغ متوشحاً بالفطنة مرشحاً في ذاكرة الآخرين كمشروع بشري قويم.
استند آل الشيخ إلى فتاوى الفقه واستفتاءات الاجتهاد وإجابات الإجماع ليحفظها في قلبه وهو ثاوياً في أركان مكتبات عائلته متوثباً إلى أسئلة عاقرت فؤاده فكانت دروساً أولية تشربها قبل معترك التخصص الجامعي بين الدرعية والرياض وما حولها كان آل الشيخ مرافقاً للعلماء رفيقاً للمبدعين فكانت أوراقه مكتظة بأمنيات عمر ومواعيد سمو سجلها في كشكولة الصغير طفلاً مردداً على أسماع عائلته دوافع الغد وخطوات الدرب مستمداً قوته من دعوات والدين آناء الليل وومضات طموح في أوساط النهار فكانت رهاناً اتكىء على مواعيد ثابتة للتميز أمضاها في جامعته وزفّها بأطروحات فكرية وبحوث علمية استدعت «الدهشة» واسترعت «الاعتزاز».
سيرة علمية مميزة للشيخ عبداللطيف حيث حصل على بكالوريوس الشريعة عام 1973 ثم نال ماجستير الفقة المقارن من المعهد العالي للقضاء عام 1983 ثم الدكتوراه في العلوم الإسلامية من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية أمضى آل الشيخ حياة علمية تقلد فيها دور الخبير والمستشار والقيادي والموجه والرئيس والوزير حيث تم تكليفه مديراً عاماً لإدارة التفتيش في الرئاسة العامة لإدارات البحوث ثم مساعداً لأمين ثانٍ عام لهيئة كبار العلماء وعمل خبيراً بالشؤون الإسلامية ومستشاراً خاصاً لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان عندما كان أميراً بمنطقة الرياض ثم صدر أمر بتعيينه رئيساً عاماً لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بمرتبة وزير في 19 - 2 - 1433 ثم صدر الأمر الملكي بتعيينه وزيراً للشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد في 18 - 9 - 1439
خرج آل الشيخ من الهيئة بعد أن نقلها من جمود «الشرطة الدينية» إلى مرونة الموعظة الحسنة ومثالية الأمر بالمعروف وحكمة النهي عن المنكر واضعاً تكتيكاً من السداد الجم «المنظرين» والهم «الناظرين» فكان المدير الفني الذي حول الخطط في ميدان الحسبة من سوءات التهور والتعجرف إلى الرشد وحسن التصرف مما جعل «المجاهرين» بالردع يحيكون «السرية» ويحبكون «الخفية» في مخططات لم تستمر طويلاً لوقف مشروعه التنويري لجهاز الهيئة الذي انتشر في مفاصل الاحتساب لاحقاً بقوة اللين وهيمنة الرفق.
وقف آل الشيخ محتفلاً بذاته نائياً بمعرفته متأنياً بحلمه فنال المنصب الأهم كوزير للشؤون الإسلامية فجاء يحمل حقيبته ممسكاً بنظارته محولاً نظراته إلى حيث «الانتظار» والنظرة الأبعد لتحويل الوزارة الأشمل والأمثل عقيدة وقيمة وإرشادًا ورشدًا إلى مرحلة جديدة ليشرع في المواءمة بين التوازن والاتزان والتكامل والاكتمال لتنقية المساحات البيضاء من شوائب «الإخوانيين» وفلترة المساحات المنهجية من غلو «المتنطعين».
جاء الوزير المطور والقائد المقدام عبداللطيف آل الشيخ قادماً من محافل التطوير ليكتب الموعد ويبلور الوعد نحو مستقبل واعد وإنجاز متصاعد في حقبة حافلة بالعطاء محتفلة بالعلياء.