«الجزيرة» - أحمد المغلوث:
منذ بداية عهد الإسلام احتفى ديننا العظيم بالعيد. فقد اعتادت الشعوب الإسلامية والعربية على استقبال المهنئين بالعيد. بعد العودة من صلاة العيد. فكان رسول الله ونبينا محمد صلوات الله وسلامه عليه يرجع من طريق غير الذي ذهب منه لصلاة العيد، فقد روى ابن ماجة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأتي العيد ماشياً، ويرجع في غير الطريق الذي ابتدأ فيه، وعلّم النبي أصحابه أن يهنئ بعضهم البعض بالعيد فور انتهائهم من صلاته، فقد أورد ابن قدامة في المغني أن محمد بن زياد قال: «كنت مع أبي أمامة الباهلي وغيره من أصحاب النبي محمد، فكانوا إذا رجعوا من العيد يقول بعضهم لبعض: تقبل الله منا ومنك». وما فعله رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم فعله من بعده أصحابه من الخلفاء الراشدين وخلفاء الدولة الإسلامية. وفي بلادنا فعل ذلك المؤسس - طيّب الله ثراه- والملوك من أبنائه حتى هذا اليوم، حيث استقبل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله - يوم العيد في الديوان الملكي بقصر الصفا بمكة المكرمة عقب صلاة عيد الفطر المبارك أصحاب السمو الملكي الأمراء وأصحاب الفضيلة العلماء والمشايخ والمعالي وكبار المسؤولين من مدنيين وعسكريين الذين قدّموا له التهنئة - أيَّده الله - بعيد الفطر المبارك. وكذلك أمراء المناطق والمحافظات وبعد أن تنتهي احتفالية الاستقبال والمعايدة يتجه المهنئون إلى مجالسهم الأسرية أو إلى بيوتهم لاستقبال الأبناء والأحفاد وحتى الأقارب والمعارف والأصدقاء والجيران في عادة محببة ومتوارثة تجدِّد أواصر الترابط والمحبة والألفة بينهم بعيداً عن مشاغل ومتاعب الحياة. نظراً لأهمية لقاءات العيد. فتجد المجالس عامرة بالحضور والفرحة والسعادة هي الظاهرة المشاهدة والمعيشة طوال أيام العيد.. ويفرح الأطفال الصغار وحتى الأبناء الكبار بالعيدية التي يتسلّمونها ببهجة وفرح غير محدود. والجميل أن لقاءات العيد تؤكِّد على ما حثَّ عليه ديننا الإسلامي بأهمية «صلة الرحم» وتأكيد العلاقة ما بين الأسرة الواحدة أو القبيلة أو المجتمع بشكل عام. وجميعنا يذكر أن لقاءات العيد خصوصاً لمن عاشها وهو طفل فهو يتذكّرها وهو كبير، بل إنها خالدة في ذاكرته للأبد، بل إنه تأكيد لهذه الصلة تجعلها أكثر بركة فالدين الإسلامي يعدها من الأسباب التي تساعد على دخول المسلم الجنة، بل إن الانقطاع عنها يشكِّل واحدة من الذنوب في نظر الدين. والمد لله أن مجتمعنا الإسلامي بشكل عام والعربي والخليجي بشكل خاص اتسم بحرصه الشديد على تعزيز وتأكيد اللقاءات وتبادل الزيارات خلال العيدين؛ فهي تضفي على حياتهم قوة وأماناً وتماسكاً. وتشعرهم بأنهم جزء من القبيلة أو الأسرة مع مرور الأيام. كم يفرح الكبار برؤية ولقاء من يتردد عليهم في مثل هذه المناسبة السعيدة «العيد» مهنئين وسائلين عنهم وعن صحتهم، بل وتفقد احتياجاتهم.. وحتى تقديم الهدايا لهم. وبفضل الله هناك من يقوم بذلك في مجتمعنا الذي تميز بهذه العادة. التي يتعلّم منها الأطفال ومنذ الصغر وهم يشاهدون آباءهم كيف يعاملون جدودهم وجداتهم.. فيتعلمون منهم. ويشعرون بعد ذلك بسعادة كبرى وهم يعيشون ويشاهدون أجواء الفرح بالعيد. وتزداد هذه الفرحة عندما يتسلّمون «عيدياتهم» والأهم من العيدية تلك العواطف والمشاعر التي تسود أجواء مجالس العيد في البيوت وبين أحضان الآباء والأمهات والأقارب.. وما أجمل أن يتواجد الكبار والصغار. داخل الأسرة؛ فيشعرهم ذلك بالانتماء والفخر والاعتزاز. ومن هنا تحرص الأسر في مجتمعنا السعودي على الاحتفاء بالعيد والزيارات واللقاءات وما يعقب ذلك من احتفالية.. ومن تناول طعام العيد.