د. محمد عبدالله الخازم
يحصل كما هو في رمضان المنصرم اختلاف في توقيت بداية الصيام أو يوم العيد بين المملكة ودول أخرى، وفي هذه الحالة هناك رأيان؛ الأول يرى الصيام وفق تقويم البلد الذي تقيم فيه، بغض النظر عن ما يعلن في بلدك الأصلي والثاني يرى أن تصوم وفق تقويم بلدك الأم بغض النظر عن البلد الذي تقيم فيه. شخصياً، أميل للرأي الأول وخصوصاً في ظل عدم وجود رأي شرعي قطعي في هذا الشأن، لأنه الأقرب للمنطق أن تحتفل وتشارك البهجة والصيام والقيام مع جيرانك وأهل حيّك ومدينتك المسلمين لا أن تعزل نفسك وأولادك عن جماعة الحي والمدينة المسلمين وتعيش متقوقعاً في الاحتفاء مع أبناء بلدك فقط. كنت أتبع هذا الرأي أثناء دراستي بالخارج رغم اختلاف بعض الزملاء معه، معتبراً أن الأمر اجتهاد يتعلّق بشعيرة مقدسة وفرحة أسرية واجتماعية لا تكتمل دون مشاركة أصدقائك وجيرانك وجماعة مسجدك.
كطالب أو مقيم ببلاد أخرى ربما ليس هناك مشكلة، فالقرار فردي بالدرجة الأولى، لكن ماذا عن موظفي الدولة الرسميين كمنسوبي السفارات والملحقيات والممثليات الرسمية؟ الممارسة الحالية هو الالتزام بتقويم المملكة العربية السعودية وما يعلن عن أجهزتها الرسمية، باعتبار أن مرجعية السفارة والمكاتب والملحقيات التابعة لها هو أنظمة المملكة، لكنني أود أن أطرح أسئلة في هذا الشأن على مقام وزارة الخارجية. هل تمت مناقشة هذه القضية مع الجهات الشرعية ومع ممثلي البعثات الدبلوماسية لمعرفة مختلف جوانب القضية الشرعية والاجتماعية والثقافية والإدارية، وبالتالي ترجيح رأي دون آخر في قضية الصيام وفق إعلان المملكة أو وفق إعلان البلد الذي تقطنه البعثة الدبلوماسية؟ هل هناك نصوص أو اعراف دبلوماسية ثابتة في هذا الأمر أم القضية اجتهادية من قبل سفاراتنا ووزارتهم الأم، وزارة الخارجية؟ هل هناك نص يحدد سلوك الموظف الدبلوماسي في هذا الشأن من ناحية إلزامه باتباع تقويم المملكة أو له الخيار الشخصي في اتباع البلد الذي يعمل به في مثل هذه القضايا الجدلية؟
طبعاً قضية الاختلاف في رؤية الهلال قضية أزلية وهناك من له اهتمام بها أكثر مني، أو أنني لا أود بحثها باعتبارها أشبعت جدلاً وتتعلّق باعتبارات عديدة ليس المجال نقاشها. تركيزي هو فقط على حل الإشكالية أو المأزق الشخصي الذي قد يقع فيه مواطن سعودي صادف وجوده في دولة أخرى أثناء بداية الصيام أو في الأعياد، هل صيامه مع جماعة الحي يعتبر مخالفة شرعية أو مخالفة إدارية إن كان موظفاً ويؤدي مهمة رسمية في ذلك البلد؟
فعل البعثة الدبلوماسية سيقتدي به الطالب والمقيم والزائر، ووأضح أنني أميل للرأي القائل ببدء الصيام أو المعايدة وفق إعلان البلد الذي نقيم فيه، إذا لم يكن في ذلك مخالفة نظامية. أكرر؛ أرجح ذلك حتى لا يبدو المواطن، طالباً كان أم مقيماً أم موظفاً، معزولاً عن مجتمعه والجاليات التي يعيش وسطها خارج المملكة. طبعاً في حال الاختلاف داخل البلد الواحد فللسفير تقدير الجهة التي يأخذ برأيها.
كل عام وأنتم بخير