د.ثريا العريض
غيبُ هذا النهار الضبابي يرهقُ كاهلَ صَحوي
مجهدٌ هدهد الفجر، ليست له شقشقات الصباح
ليت هذا النهار يعود لِرحمِ الأماني
لتنطلقَ الروحُ من غفوةٍ وتبوح
لا أطيق تنبؤَ ساعاته تتلِعُ الحزن عاريةً من مدى الريش
مجهضةً في انتفائي
لا أعانق فيه احتفال القصائدِ، مغلولةٌ في احتباس الثواني
مثقلةٌ بالحروف التي لن تغادر أعشاشها, والحروف التي لن تحاور أصداءها في انعتاق الجناح
لا أطيق لواعجَ أجنحة الطيرِ تعجزُ أن تتهجّى سوانحُها سورة الانشراح
**
للسواحلِ ألوانُ أمواجها وارتداداتها، فأين طيوف الفرح؟
طيورٌ ووجهتنا هاجس الروح..!
غربتنا تستبّدُ ولا ديمةٌ تعدُ الحرف باللون من ألقٍ يتسرمد
والليل حزنٌ رهيفٌ إذا الفجر يدعو الطيورَ لِهاماته وارتقاء الرياح
ليتني أرتوي من نعاسي فجراً ضحوكاً يراوِدني كي أبادرَ وهجَ صباباته
أو حفيفَ جناحٍ حفيٍّ يعابِثُ سهوي لأوغل في فرحة الغيمِ راضيةً بوعود الصباح.
ليتَ هذا الخيال العنيدَ يؤازرني في جوى الروح
يطلِقني، يطلق الأفق مستنفراً بمداري
وابلاً يصطفي منبع الحلم قافية وخزامى،
يصادر صهد البطاح
**
ليت للصبحِ خيط التآخي مع الروح إن هجعت في انبلاجاتها لهفة الأفق
إذ جرحها حاسِرٌ والشجيرات تبكي،
سرب العصافير تجفل أحلامه في رعود النواح.
ليتني طائرٌ عابرٌ مثل طيف السنونو،
لا أعانق أرضاً ولا يبتليني ارتحال فضائي
شاطئ العمر ملتبسٌ بطقوس الرواح
يعذبني بالغناء الذي كُفَّ قبل اندلاع الزمرد في العشب، أو جمرة الأرجوان النبيلة، أو عسجد العاصفات.
والصدى قاتلٌ، قاتلي قبل وقتي،
فكيف أهادن أرضي لتعلنَ في ليلِها صبحَها وسمائي؟
*
ليتني
ما استوت قامتي في احتراق النخيل، ومارست ما
لا يمارسه موسم العشب حين يعاند صوحَ البطاح
*
ليست الأرضُ طقسي..
ولا دوحةً أستجير بها من أوارِ الجموح،.
ما كنت قبّرةً للهديل المريبِ
ولم ألتصق بالتراب عقاباً سقيماً يعاني انحصاراته في رميم المعاني،
ولا كنتُ يوما غراباً يرائي اكتئاب جناحيه يحفر حرفاً يداري به سوأة الروح طيشا،
ولا التثتُ، طاووس وهمٍ حسيرٍ حفيٍّ بألوانه النرجسية، إما تخادنه الشمس لا يتسامق ريشاً.
ينبض الحلمُ بي فتئج تضاريسُ ألوانه بدمائي.
وما زلتُ أهجس:
يوماً ساهزجُ
..حتماً سأهزجُ
لا بدَّ، لا بدَّ.
يوماً سينتثرُ النبضُ طيفاً يلوِّن غيبَ الجهات زمرّدُه
فمن لي بمن خفقه يتسامى بِلونِ غنائي؟
***
يوم استرحتُ لأجنحتي احتفلَت قامتي, خلتُها اتكأت فوق مسقطِ حلمي.
و لكنني لم أزل طفلةً، وحروفي وسنى كزنبقة البر
بيضاء ناصعة بالتوهجِ، لم تألف الغدر أو أفعوان الرياء.
لم أجد للطريق علامات كي اهتدي لانتمائي
لم تترع الحرفَ من لهفةِ الشرفات اللغات،.
وسلام علي يوم ولدت.. ويوم نطقت.. ويوم يجاب دعائي.