د. صالح بن سعد اللحيدان
سابعاً: وهذا مثال يقوم ولا يقعد على الإطراء الذي أرى أنه يحسن بالعلماء والكتاب أن يفطنوا إليه فقد جاء في بعض الاطروحات مما تم نشره (أهداني د ( .... ) وهو أحد تلامذتي الذين درسوا علي أهداني نسخة من كتابه ( .....) بعد طباعته أخيراً فكأني به قد سار على منهج وطريقة السيرافي في شرحه لكتاب سيبويه لكنه كحقيقة علمية أثبتها له قد جاوز السيرافي كثيراً).
حاول معي وأنت تقرأ هذا الكلام مايلي:
1- (الذين درسوا علي).
2- (كحقيقة علمية).
3- (قد جاوز كثيراً السيرافي).
كل ذا الكلام جاء في كتابة مقال شبه أسبوعي قد تمت الحروف فيه بستمائة حرف 600/ح/ فكيف يكون هذا؟
لست أعلم أحداً يقول مثل قد جاوز السيرافي كثيراً.
ومن المعلوم في أساسيات النقد العلمي والأطروحات النابهة أن من قواعد النقد أصل لا بد منه وهو:
مساواة الناقد للأمر المنتقد، وتساوي الناقد والمنقود في الدرجة، وحسب تحليلي أنه هذا ليس له وجود وإلا لقلت هذا سبق علمي.
وأيضاً فإن تقريرا مثل هذا (قد جاوز كثيراً السيرافي) يحتاج إلى كتاب مستقل وطويل، كما أنه ولا أقول (قد) بل أجزم الجزم كله أنه يحتاج إلى دراسة منضبطة عقلاً وروية وسعة بال ولا يكون ثمة مجاملة أوكما يقال (رفع المعنوية).
أرأيتم كي إذاً؟
وقد يخال الكاتب نفسه بعد هذا أنه هو هو إذ لم يقم أحد ببيان الحق فيما كتب أو فيما قال على سبيل لا يريم.
ويظن الآخر المكتوب عنه والذي تجاوز كثيراً السيرافي يظن نفسه حقيقةً أنه كذلك فيقع لا شعورياً بمصيدة حيل النفس وتنعدم إليه الرؤية التجديدية من خلال طغيان القلب على العقل وهدم أصول سير العقل ليكون هو المتقدم على العاطفة والقلب معاً، كما لعله يقع بمصيدة الهوى وعمى البال سيان.
ثامناً: ولنأخذ هذا النموذج (ويحسن به أن يتوقف عن الكتابة لئلا يغتر به القراء).
فما دخل يتوقف عن الكتابة في الكتابة نفسها الحق أقول إن هذا إقصاء وأنه حكم قاطع وباب اللغة واسع وسبيل حسن الأخلاق ونقاش المخالف بابه واسع.
فقد كان يمكن أن يقول لو شاء إن كان محقاً (فلعله يحسن طريقته في الكتابة) (أو لعله يترك هذا المجال حتى يتروى منه).
أليس هذا حقاً أن يكتبه بدل هذه الوصاية فإنه قد يكون من كتب عنه وأراد أن يترك المجال له فقط قد يكون علم شيئاً فات ذلك الكاتب لأن من جهل شيئاً عاداه.
هذا ما كنت أود طرحه وهو مغنٍ عن كثير عن الإطالة، ولعله يكون نوع تنبيه لئلا يقع فيه كتاب وعلماء ومثقفون لهم قدرهم عندي وعند غيري نجلهم كما هي الحال في سالف القدم.
ولعل مراكز البحث العلمية والهيئات العلمية والنخب المسؤولة في نشر العلم والثقافة يدركون أكثر من غيرهم مسؤولية الطرح أمام العالمين من خلال عرض الكتب المعاصرة.