علي الخزيم
هكذا عيدنا وسارت الأمور بحمد الله والوطن بألف خير وراياته خفاقة؛ وألف نشيد وعرضة للوطن تصدح هنا وهناك بكل بقاع بلاد العز والحزم والعزم، الوطن كلمة حروفها قليلة إلا أن معانيها ومضامينها أرقى وأعلى شأناً مما يراه من يَحْصُرون الوطنية بمفاهيم (يقولبونها) كما تشاء نواياهم الداخلية و(الدخيلة)، أو تتجه بحسب رغبة مقدمي الشيكات والحقائب ثمناً للإضرار بوطن الشموخ وتشتيت وارباك فئات المجتمع السعودي، عَيَّدْنا ولله الحمد (وخاب كل جبار عنيد) لا تسره سعادتنا والتفافنا حول قيادتنا الرشيدة، وتحت رايتها الخفاقة تحمل كلمة التوحيد وشعار العز والفخار.
سارت احتفاليتنا بعيدنا السعيد كما أراد الله لنا وللوطن الحبيب، وكما تريد القيادة الرشيدة لشعبها الوفي من شمول الرفاهية والترفيه البريء المنضبط دون خروج يُكدِّر صفو المستمتعين بأوقاتهم بالمباح؛ بعد أن صاموا شهرهم وابتهلوا إلى المولى طيلة لياليه المباركة لا خيب الله رجاء كل من قام واحتسب، ثم ما المانع من إمضاء أوقات ماتعة مرحة برفقة الأسرة والأصحاب، الأصل أن يتم هذا؛ لا أن نتحرَّج منه وكأننا نقترف جرماً أو خطيئة، وهنا يمكن استحضار ما كان عليه المسلمون وقادة الأمة منذ صدر الإسلام ومع تعاقب العقود الزمنية فما روي عن سير الأمراء والنبلاء يصور مناسباتهم الاحتفالية وأعيادهم الغامرة بالفرحة وإضفاء السعادة على الحضور والمشاركين بمن فيهم العلماء والمشايخ ولم تُدَوِّن المدونات والتواريخ أنهم أنكروا على الخاصة والعامة مثل تلك الاحتفالات بالأعياد ونحوها مما يبعث على البهجة والحبور ما دامت في إطار من الانضباط ولم تخرج إلى فضاءات المحذور.
سعدنا ولله الحمد كثيراً بعيدنا ولم تزدنا الاحتفاليات سوى التصاقاً بقادة البلاد نكاية بكل من أراد تعكير صفو الجموع وتكدير ألفتهم وتفريق كلمتهم، وقفنا لنشيد الوطن ورددنا كلماته غير عابئين بمن جلس (ومن سيجلس لاحقاً) أو من اختفى خلف الكراسي وخلف الجمهور؛ فالعين ترقبهم بازدراء، إذ إن صنيعهم لا يمت لقواعد الشرع ولا قيم الوطنية الصادقة، نشيد الوطن وكلماته العميقة نبراس يضئ الفؤاد ويبعث الحماس الذهني والعقلي للافتخار بالوطن الكريم، وأي وطن هو؟! إنه لمؤلم أن تشاهد من يخفض رأسه ويصد صدوداً وهو يسمع ويشاهد: (سارعي للمجد والعلياء، مجدي لخالق السماء، رددي الله أكبر يا موطني)! كلمات جامعة لمعانٍ سامية تستجلب الحواس وتدعوها لاستشعار النعم التي ترفل بها بلادنا مملكة العز مهبط الوحي ومنبع الرسالات حاضنة الحرمين الشريفين وقبر الرسول الأعظم الهادي البشير، إلا تستحق هذه القيم والميزات التي حباها الله لبلادنا وغيرها كثير أن نعيها ونقدرها، ومن لا يعتز ويفتخر بأرضه وترابه؛ إلا جاحد أو مناوئ جسمه هنا وقلبه ومشاعره باتجاه جغرافي مغاير توجهه بوصلة الحسابات المصرفية؛ وتسيطر على ميوله أفكار مشبوهة تُمْلَى عليه وأمثاله لحرفهم عن جادة الحق والصواب، ولتعمي عيونهم عن تقدم بلادهم ومقدارتها وإنجازاتها المبهرة، أما أنا فلا أمل قول ميسون:
(فما أبغي سوى وطني بديلاُ + فحسبي ذاك من وطن شريف).