أبو عبدالرحمن ابن عقيل الظاهري
قال الله سبحانه وتعالى: {مَّا كَانَ اللّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَآ أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّىَ يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللّهَ يَجْتَبِي مِن رُّسُلِهِ مَن يَشَاء فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرُسُلِهِ وَإِن تُؤْمِنُواْ وَتَتَّقُواْ فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ} [سورة آل عمران/179] .
قال الإمام ابن كثير رحمه الله تعالى: ((أي لا بد أن يعقد [أي الله سبحانه وتعالى] سببا من المحنة يظهر فيه وليه، ويفتضح فيه عدوه [فـ] يعرف به المؤمن الصابر، والمنافق الفاجر.. يعني بذلك: يوم أحد الذي امتحن به المؤمنين ؛ فظهر به إيمانهم وصبرهم وجلدهم وثباتهم وطاعتهم لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم، وهتك به ستر المنافقين ، فظهر[ت] مخالفتهم، ونكولهم عن الجهاد، وخيانتهم لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم؛ ولهذا قال تعالى: {مَّا كَانَ اللّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَآ أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّىَ يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ}.. قال مجاهد: ميز بينهم يوم أحد.. وقال قتادة: ميز بينهم بالجهاد والهجرة.. وقال السدي: قالوا: إن كان محمد صادقا فليخبرنا عمن يؤمن به منا ومن يكفر؛ فأنزل الله تعالى: {مَّا كَانَ اللّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَآ أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّىَ يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ}.
قال أبو عبدالرحمن : مثل هذه الآية عن إظهار ما علمه ربنا لخلقه ؛ أما علمه هو سبحانه فهو سابق يعلم ما يكون وما لا يكون ، وما لو كان كيف يكون.. ثم قال ابن كثير رحمه الله تعالى عن تفسير بقية الآية: ((حتى يخرج المؤمن من الكافر.. روى ذلك كله ابن جرير.. ثم قال تعالى: {وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ}.. أي أنتم لا تعلمون غيب الله في خلقه حتى يميز لكم المؤمن من المنافق [أي]، لولا ما يعقده من الأسباب الكاشفة عن ذلك. ثم قال تعالى: {وَلَكِنَّ اللّهَ يَجْتَبِي مِن رُّسُلِهِ مَن يَشَاء} كقوله تعالى: {عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا (26) إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِن رَّسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا} [سورة الجن/ 26 - 27]..)).. تفسير القرآن العظيم 2/476 -477/ دار ابن الجوزي طبعتهم الأولى عام 1431هجريا.
قال أبو عبدالرحمن: ونقل الشيخ أحمد شاكر رحمه الله تعالى من تفسير ابن كثير رحمه الله تعالى في تعليقه على تفسير ابن كثير 1/443 دار الوفاء، ودار ابن حزم طبعتهم الثانية عام 1426 هجريا: ما ليس هو في سياق ابن كثير الذي مر ؛ وهذا نصه: ((قال تعالى: {مَّا كَانَ اللّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَآ أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّىَ يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ} أي لا بد أن يعقد سببا من المحنة يظهر فيه وليه، ويفتضح فيه عدوه، يعرف به المؤمن الصابر، والمنافق الفاجر.. يعني بذلك: يوم أحد الذي امتحن الله به المؤمنين؛ فظهر به إيمانهم وصبرهم وجلدهم وثباتهم وطاعتهم لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم، وهتك به ستر المنافقين، فظهر [ت] مخالفتهم، ونكولهم عن الجهاد، وخيانتهم لله ولرسوله؛ قال مـجاهد: ميز بينهم يوم أحد.. وقال قتادة: ميز بينهم بالجهاد والهجرة.. ثم قال {وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ} أي: أنتم لا تعلمون غيب الله في خلقه حتى يميز لكم المؤمن من الـمنافق، لولا ما يعقده من الأسباب الكاشفة عن ذلك. ثم قال تعالى: {وَلَكِنَّ اللّهَ يَجْتَبِي مِن رُّسُلِهِ مَن يَشَاء} كقوله تعالى: {عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا (26) إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِن رَّسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا} [سورة الجن/ 26 - 27] .. وإلى لقاء في السبت القادم إن شاء الله تعالى ؛ لاستكمال دقائق نافعة في تفسير كل الآيات المارة الذكر, والله المستعان.