هنا بنت محمد اليزيدي
سنوات تمر بنا ونحن نتخيل في كثير من الأحيان فقدان من تعلقت قلوبنا بهم بلا رجعة، ونُسقط منهم «عمداً» بعض الشخوص لعدة أسباب، أعلاها (أهميتهم لدينا) وأقلها (عنفوانهم ووفرة صحتهم)، ثم يأتي ما لم يكن في الحسبان، وهو فقدهم بلا مقدمات (قد تكون هناك مقدمات واضحة كالشمس، ولكن مكانتهم في حياتنا تفقدنا الصواب في النظر)، ونظن في تلك اللحظات أن الحياة انتهت برحيلهم، ولكن الحقيقة أن الحياة في تلك اللحظات تتوقف قليلاً لاستيعاب فقدهم، والتفريق بين ما وقع حقيقة وما تشتهيه أنفسنا.
ثم تبدأ الحياة من بعدهم بأخذ منحى آخر، وهو منحى الـ (كيف؟)
كيف ستكون الحياة من بعدهم؟
وكيف سنلملم شعث قلوبنا ونكمل العيش؟
بل كيف ستكون أفراحنا بدونهم؟ وكيف سيعود العيد بلا وجودهم؟
ولعلي أقف هنا على السؤال الأخير لكونه يشكل لدى الأكثرية (مثلي) حجر عثرة في طريق (تجاوز الأزمة) فهو في ظنّي الأصعب من بينهم خاصة لأولئك الراحلين الذين كانوا هم الأعياد وصباحاتها السعيدة.
فكيف يجتمع عيد وفقد؟
ولكن المتأمل لألطاف الله لنا التي لا تحصى، يدرك تماماً أن شعيرة مثل شعيرة العيد ما هي إلا منطقة راحة من الحزن، ومحطة مهمة لإعادة بناء ما تلف بالأمس جرّاء فقدهم.
فعندما يُفقدنا الله (حبيباً) قبيل شَعيرة (العيد)، فهو يطلب منّا أن ننفض غبار الحزن والهم لنمضي في حياتنا سعداء متفائلين بأن ما بعد الضيق إلا الفرج، فما زال في الحياة متّسع للأمل والعيش بسعادة، شرط أن نعظّم تلك الشعائر في نفوسنا، فمتى ما عظمناها وجعلناها تعلو فوق همومنا أصبحنا أكثر إيجابية، ومتى ما كنا إيجابيين فنحن سنكون أكثر قوة وقدرة على مواجهة التحديات الصعبة (ذات التحديات التي كادت أن تتجاوزنا في وقتٍ مضى)، فلعلنا صِرنا لهم الدعوات المباركة والأعمال الصالحة التي تركوها من بعدهم.